الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القرض بزيادة ربا سواء كان استثماريا أم استهلاكيا.

السؤال

هل يعتبر تحريم الربا في الشرع الحنيف تحريما يحفظ الجانب الضروري من المال أم الحاجِي؟
وهل تفرقة بعض العلماء المحدثين بين القروض الاستهلاكية والقروض الاستثمارية معتبر من بعض الوجوه في تحقيق مناط التحريم أم لا؟
والله الموفق.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعروف أن الشريعة الإسلامية حرمت الربا بجميع أنواعه، وفي نفس الوقت أباحت البيع؛ قال الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا {البقرة: 275}.
ومن أنواع الربا المحرم القرض بزيادة، سواء كان استهلاكيا أم استثمارياً، فكل قرض اشترطت فيه الزيادة فهو حرام، لا خلاف فيه بين العلماء.
يقول
ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا اشتراط على المستسلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. اهـ.
ويقول
ابن عبد البر: أجمع المسلمون نقلاً عن نبيهم -صلى الله عليه وسلم- أن اشتراط الزيادة في السلف رباً ولو كان قبضة من علف ـ كما قال ابن مسعودـ أو حبة واحدة. اهـ.
فالأدلة التي تحرم القرض بزيادة تتناول بعمومها القروض الاستهلاكية والاستثمارية معاً، ولا يمكن إخراج بعضها إلا بدليل شرعي يُرجع إليه.
فالعلة في هذا النوع من الربا هي الزيادة بشرط، فهي مناط التحريم.
وما ذكره بعض الباحثين المعاصرين من التفرقة بين القرض الاستثماري والاستهلاكي، ومن الفرق بين القليل والكثير فغير صحيح لما تقدم.
فالإسلام لا يعرف إلا القرض الحسن، أما القرض بزيادة فهو حرام، استهلاكياً كان أو استثمارياً.
فالإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة، والاقتراض بالربا محرم كذلك، ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة؛ فالضرورة تبيح المحظور.

ولكن الضرورة التي تبيحه كما يقول بعض العلماء هي: الضرورة الملجئة لتأمين الأمور الضرورية من المأكل والمشرب، ونحو ذلك.

وبعضهم يقول لا يجوز إلا إذا وصل الشخص المضطر له إلى الحالة التي تباح له فيها الميتة، وهي الخوف على نفسه من الهلاك. والأصل في هذا قوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119}.

أما الذي يريد أن ينشئ مصنعاً أو يبني عمارة أو يستورد سلعاً أو نحو ذلك؛ فهذا لا يتناوله اسم المضطر بحال.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني