السؤال
أحب سماع القرآن بصوت قارئ معين، حتى إنني حفظت الكثير من الآيات بسبب كثرة سماعي له. لكن أصبح ينتابني شعور إعجاب، أو ربما أكثر، اتجاه هذا القارئ.
حاولت أن أغير القارئ، خوفا من الإثم، لكني لم أعد أجد لذة سماع القرآن مثل ما مضى، وأصبحت لا أستمع كثيرا للقرآن.
فهل يمكنني أن أستمر في سماع نفس القارئ، علما أني دائما أصادف مقاطع تلاوته؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل جواز سماع المرأة لتلاوة الرجل، لكن إن حصل تلذذ بسماع صوته، فلا تستمعي لتلاوته.
وقد ذكر الفقهاء في كتاب النكاح في تحريم تلذذ الرجل بصوت الأجنبية، أن المرأة أيضا تمنع من سماع صوت الرجل.
قال المرداوي -الحنبلي- في الإنصاف، بعد أن ذكر تحريم التلذذ بسماع صوت المرأة ولو في قراءة القرآن.
هَلْ تُمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ صَوْتِهِ. وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ سَمَاعِ صَوْتِهَا؟
قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِهِ يَؤُمُّ أَهْلَهُ. أَكْرَهُ أَنْ تَسْمَعَ الْمَرْأَةُ صَوْتَ الرَّجُلِ. قَالَ ابْنُ خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ، فِي نُكَتِهِ: وَهَذَا صَحِيحٌ. لِأَنَّ الصَّوْتَ يَتْبَعُ الصُّورَةَ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا مَنَعَ مِن النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ، مَنَعَ مِنْ سَمَاعِ صَوْتِهَا. كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ لَمَّا مُنِعَتْ مِنْ النَّظَرِ إلَى الرَّجُلِ، مُنِعَتْ مِنْ سَمَاعِ صَوْتِهِ. اهــ.
وفي الصحيحين عن أنَس بْن مَالِكٍ قَالَ: كَانَ للنبي صلى الله عليه وسلم حَادٍ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، فَقَالَ لَهُ النبي صلى الله عليه وسلم: (رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ، لاَ تَكْسِرِ الْقَوَارِيرَ). قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي ضَعَفَةَ النِّسَاءِ.
فقد قيل في معنى الحديث: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك خوفا على النساء من تأثرهن بالحداء الذي كان يحدوه أنجشة، فدل على مراعاة النساء، وعدم إدخال الفتنة عليهن.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وجوز القرطبي في المفهم الأمرين فقال: شبههن بالقوارير؛ لسرعة تأثرهن، وعدم تجلدهن. فخاف عليهن من حث السير بسرعة السقوط، أو التألم من كثرة الحركة والاضطراب الناشئ عن السرعة.
أو خاف عليهن الفتنة من سماع النشيد.
قلت: والراجح عند البخاري الثاني. انتهى.
وانظري الفتوى: 272545 عن حكم تعلق قلب المرأة برجل دون إقامة علاقة بينهما.
والله أعلم.