السؤال
اطّلعت على أدلة المدرسة العراقية المالكية في مسألة عدم نقض الطهارة من الخارج غير المعتاد، ووجدت أدلتهم مقنعة، لكن نصوص الإمام مالك التي تأوّلوها صريحة في مخالفة قولهم، فهل يبقى قول أصحاب المدرسة العراقية في هذه المسألة معتبرًا؛ إذا ثبت عدم صحة ما نسبوه إلى الإمام مالك؛ باعتبار أن قولهم صار شاذًّا، ولم يسبقهم إليه أحد، أم إنه يبقى قولًا معتبرًا، ويمكن الأخذ به لمن ترجّحت له أدلتهم؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت من قول المدرسة المالكية العراقية بعدم نقض الطهارة (الوضوء) من الخارج غير المعتاد، هو القول المشهور من مذهب مالك وأصحابه، ولم نقف على من خالف في ذلك من أصحاب مالك، سوى محمد بن عبد الحكم المصري الذي يقول: إن من خرج من دبره دود نقي، أو دم صاف؛ فعليه الوضوء، قال ابن يونس في الجامع لمسائل المدونة: فصل [في الخارج غير المعتاد من الدبر أو القبل]: قال ابن القاسم: ولا شيء على من خرج من دبره دود، أو دم عند مالك. قال ابن نافع عن مالك في المجموعة: وذلك إذا لم يخالطه أذى. قال ابن القاسم: وكذلك الحصاة تخرج من الإحليل، إلا أن يخرج بإثرها بول. وقال محمد بن عبد الحكم: من خرج من دبره دود نقي، أو دم صاف؛ فعليه الوضوء. انتهى.
وقال الشيخ المواق عند قول خليل -رحمه الله تعالى-: (لا حصى، ودود، ولو ببلة): ابن القاسم: لا شيء على من خرج من دبره دود عند مالك. ابن نافع: إذا لم يخالطه أذى. ابن القاسم: وكذلك الحصاة تخرج من الإحليل، إلا أن يخرج بإثرها بول. ابن رشد: المشهور أن غير المعتاد لا ينقض، كدود يخرج من الدبر، خرجت نقية أو غير نقية. الكافي: وكذلك الدم. اللخمي: وسواء خرج من الذكر، أو من الدبر. ابن العربي: وكذلك الريح من القبل، لا وضوء فيه عند مالك. انتهى.
وقال القاضي عبد الوهاب البغدادي (وهو من أئمة المدرسة المالكية العراقية) في كتابه: "المعونة على مذهب عالم المدينة": وما خرج من السبيلين مما ليس بمعتاد -كالحصى، والدود، والدم-؛ فلا وضوء فيه.. لقوله تعالى: {أو جاء أحد منكم من الغائط}، والاسم ينطلق على الحدث المعتاد، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا وضوء إلا من صوت، أو ريح"؛ ولأنه نوع من غير أنواع الأحداث المعتادة، دليله إذا خرج من غير السبيلين. انتهى.
وقال في التلقين: وكذلك ما خرج من السبيلين من غير المعتاد -كالحصى، والدم، والدود-؛ فلا وضوء فيه. انتهى.
وعليه؛ فقول السائل: هل يبقى قول أصحاب المدرسة العراقية في هذه المسألة معتبرًا؟ لا داعي للتعقيب عليه؛ لأن القول بذلك ليس خاصًّا بالمدرسة العراقية.
والله أعلم.