السؤال
قد عرفت أن النجاسة لا تنتقل من متنجس إلى طاهر في وجود الرطوبة -عند الحنفية، والمالكية، والحنابلة-، غير أن الحنابلة فرّقوا بين الرطوبة والبلل، وخالفهم الشافعية، فيرون انتقالها مطلقًا، فهل قول الأئمة الثلاثة هو قول الجمهور؟ وإن كان كذلك، فلماذا يفتي جميع المشايخ في مسألة انتقال النجاسة بقول الشافعية، دون ذكر خلاف في الموضوع؟ وهل يتساوى مقياس الرطوبة عند الحنابلة والحنفية؟
وأنتم تقولون دائمًا: يبني الشخص على اليقين، ألا وهو الطهارة؛ حتى يتبين له العكس، ولكن ماذا لو تبين للشخص بعد فترة طويلة من الزمن أن المحل متنجس بالفعل -كأن أخبره أحد-، وكان قبلها يتعامل بشكل طبيعي، فيلمس المحل وهو مبتل، أو به رطوبة، ثم يلمس محلًّا آخر، فينقل النجاسة دون أن يعرف بوجودها.
وأحد السائلين تنجّس مقعد سيارته، وعرف بالأمر بعد بيعها، فأفتيتموه -لا أتذكّر رقم الفتوى- أنه لو عرف من اشترى السيارة أن يخبره بالأمر؛ لكي يطهّر المحل، فماذا لو أن هذا الشخص كان يجلس وملابسه مبتلة مثلًا، ثم يجلس في أي مكان آخر في بيته دون أن يتحرّز من وجود نجاسة لا يعلم بوجودها، فما الواجب على شخص كهذا؟ وما الواجب على شخص كان لا يتحرّز من النجاسة حتى انتشرت في بيته يقينًا؛ على أنّ النجاسة تنتقل بالرطوبة والبلل؟ وشخص آخر كان يجهل أن الماء يتنجس بملاقاة النجاسة، فغسل ثيابه وكان معها شيء متنجس يصعب إزالة النجاسة منه أصلًا، ولم يتأكّد من زوال النجاسة بعد الغسل، ولكنه -كما قلت- كان يجهل الأمر، أي أن الماء يتنجس بملاقاة النجاسة عند الجمهور، فتعامل مع ملابسه بشكل طبيعي، ونشرها، ثم نشر مكانها ملابس طاهرة، وظل على هذا الوضع فترة طويلة، فما الواجب عليه؟ وجزاكم الله كل الخير.