السؤال
سؤال بارك الله فيكم: كما هو معلوم حاليًا لا بد من تصريح للعمرة، فإذا ذهبت لمكة دون إحرام بسبب عدم قدرتي على أخذ تصريح لسبق الناس لي، أو ما إلى ذلك، ونيتي أنه في حال وجدت تصريحا -وأنا في مكة- فسوف أحرم من مكة، وأعتمر؛ وإن لم أجد؛ فلا. فهل هذا الأمر جائز. وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أنك قد تعتمر، وقد لا تعتمر، فلست جازما بأداء العمرة، بل تنوي دخول مكة، ثم بعد ذلك إن حصلت على تصريح اعتمرت، وإن لم تحصل على تصريح، فلن تعتمر.
وإذا كان الأمر كذلك؛ فالذي يظهر لنا أنه لا حرج عليك في دخول مكة بدون إحرام، لأن الإحرام إنما يلزم من تجاوز الميقات وهو عازم على العمرة، ولا عزم مع تلك النية المترددة. وراجع الفتوى : 250735.
وإذا حصلت على تصريح، فاخرج إلى التنعيم، وأحرم بالعمرة منه، لأن من نوى العمرة وهو بمكة أحرم من أدنى الحل -التنعيم أو غيره-، ولا يحرم بها من مكة.
قال النووي -رحمه الله- في شرح صحيح مسلم عند قوله -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرحمن بن أبي بكر: اُخْرُجْ بِأُخْتِك مِنْ الْحَرَم، فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ. قال: فِيهِ دَلِيل لِمَا قَالَهُ الْعُلَمَاء أَنَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّة، وَأَرَادَ الْعُمْرَة، فَمِيقَاته لَهَا أَدْنَى الْحِلّ، وَلا يَجُوز أَنْ يُحْرِم بِهَا مِن الْحَرَم. قَالَ الْعُلَمَاء: وَإِنَّمَا وَجَبَ الْخُرُوج إِلَى الْحِلّ لِيَجْمَع فِي نُسُكه بَيْن الْحِلّ وَالْحَرَم، كَمَا أَنَّ الْحَاجّ يَجْمَع بَيْنهمَا، فَإِنَّهُ يَقِف بِعَرَفَاتٍ وَهِيَ فِي الْحِلّ، ثُمَّ يَدْخُل مَكَّة لِلطَّوَافِ وَغَيْره. هَذَا تَفْصِيل مَذْهَب الشَّافِعِيّ، وَهَكَذَا قَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء أَنَّهُ يَجِب الْخُرُوج لإِحْرَامِ الْعُمْرَة إِلَى أَدْنَى الْحِلّ، وَأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي الْحَرَم، وَلَمْ يَخْرُج لَزِمَهُ دَم. وَقَالَ عَطَاء: لا شَيْء عَلَيْهِ، وَقَالَ مَالِك: لا يُجْزِئهُ حَتَّى يَخْرُج إِلَى الْحِلّ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: وَقَالَ مَالِك: لا بُدّ مِنْ إِحْرَامه مِنْ التَّنْعِيم خَاصَّة، قَالُوا: وَهُوَ مِيقَات الْمُعْتَمِرِينَ مِنْ مَكَّة، وَهَذَا شَاذّ مَرْدُود، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِير أَنَّ جَمِيع جِهَات الْحِلّ سَوَاء، وَلا تَخْتَصّ بِالتَّنْعِيمِ. اهــ
والله أعلم.