السؤال
نحن أصحابَ مِرفَأٍ (جراج) بالطريق، نَحرُسُ السياراتٍ وغيرَها من وسائلَ النقل الخاصةٍ بأصحابِها.
وكان عندنا من نَحرُسُ سيارَتَه منذ أكثر من خمس عشرة سنة. وسُرِقَت -مع العلم بأنَّا نحرس بمقابل ماديِّ بدون عقد، بل باتفاق ضمني. وعرضنا بعد سرقتها على أصحابها دفعَ ثمنها دونَ شكوى لقسم الشرطة -ولكنهم قاموا برفع (دعوى سرقة) لإثباتِ سرقتِها؛ كيلا يَضُرَّهم من سَرَقَها؛ لأنها باسمهم، فلو استعملها لمحظورٍ أو سَرَقَ فيها أو صَدَمَ بها أحدًا وعُلِمَ رَقمُها سيعود الضرر على أصحابها- وذاك لكيلا نتعرض لظلمهم -الشرطة- ودون أن نطغى على من سُرِقَت سيارتُهم، وكان هناك شهود على ذلك، لكنهم رفضوا واشتكوا، وحُبِسَ أبي ستة أشهر إثر ذلك دون أدلة على السرقة.
فما حكم حالنا؟ وما التوجيه لما نحن فيه. وما زالت هناك قضية سيُحكَمُ لهم فيها بمقابل مادي وليس هذا الإشكال، بل في بيان حكم ما علينا أمام الله -عز وجل-؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعافيكم. وأما ما سألت عنه من بيان حكم ما عليكم أمام الله تعالى؟
فجوابه: أنه لا يلزمكم ضمان هذه السيارة المسروقة لأصحابها إلا إذا كانت سرقتها بتفريط منكم؛ لأن الحارس المستأجر يده يد أمانة فلا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط.
قال البغدادي في «مجمع الضمانات»: قال الفقيه أبو جعفر والفقيه أبو بكر: الحارس: أجير خاص، ألا يرى أنه لو أراد أن يشغل نفسه في موضع آخر لم يكن له ذلك، فلا يضمن الحارس إذا نقب حانوت؛ لأن الأموال محفوظة في يد ملاكها. وهو الصحيح وعليه الفتوى من المشتمل.
وفي (الخلاصة): حارس يحرس الحوانيت في السوق، فنقب حانوت رجل فسرق منه شيء، لا يضمن؛ لأن الأموال في يد أربابها وهو حافظ الأبواب. كذا قال الفقيه أبو جعفر وعليه الفتوى، وهذا قولهما -يعني أبا يوسف ومحمد بن الحسن- أما عند أبي حنيفة: لا يضمن مطلقا وإن كان في يده؛ لأنه أجير. اهـ.
وقال ابن يونس -المالكي- في «الجامع لمسائل المدونة»: المسألة الثانية: المُسْتَأجر على حراسة هل يضمن؟
قال ابن المواز: قال مالك: ومن استؤجر يحرس بيتًا فينام، فيُسْرَق ما فيه: فلا يضمن، وإن غاب عليه، وله جميع الأجر، وكذلك حارس النَّخل. قال ابن المواز: لا يضمن جميع الحراس إلا أن يتعدوا ... اهـ.
وانظر الفتوى: 15033.
وعلى افتراض أنه قد حصل منكم تعدٍ يستوجب الضمان، فما عرضتموه على أصحاب السيارة من دفع ثمنها هو المطلوب منكم.
والله أعلم.