السؤال
كنت أرى أبي دوْمًا يأكل وأذان الفجر يؤذن، ويقول: إنَّ الإمساك يبدأ بنهاية الأذان، وكنت أقلد قوله هذا، فأنا كنت صغيرة، ولمَّا كبرت بقيت على هذا، حتَّى تذكرت الأمر، فبحثت، فوجدت أنَّه يجب التَّوقف عن الأكل لمَّا يؤذن مباشرة.
فما حكم الأيَّام التي صمتها، وكنت أتسحر فيها إلى أن ينتهي الأذان؟ علمًا أنِّي لا أذكر هذه الأيام، ولا عددها؟ وكيف أقضيها؟
شكرًا لكم، وحفظكم الله.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد قال تعالى في محكم آياته: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ {البقرة: 187}، وقد دلت الآية على أن الصائم له أن يأكل ويشرب ما لم يطلع الفجر، والمراد به الفجر الصادق، فإذا طلع الفجر الصادق وجب عليه الإمساك.
وعلى هذا؛ فإذا كان المؤذن لا يؤذن إلا بعد دخول الوقت فيجب على الصائم الإمساك عند سماعه، وليس له الأكل أثناء الأذان إلى فراغه، فإذا أكل بعد ذلك فقد أفطر، ويجب عليه القضاء.
والظاهر مما ذكرت أن المؤذن كان يؤذن بعد طلوع الفجر، وإذا كان كذلك؛ فقد أخطأت فيما كنت تفعلينه من تقليد أبيك في الأكل أثناء الأذان المُعْلم بطلوع الفجر، وما كان من ذلك في حال الصغر قبل البلوغ؛ فلا قضاء عليك فيه، وما كان منه بعد البلوغ؛ فعليك القضاء، ولو نسيت عدد الأيام التي حصل فيها ذلك، فاجتهدي بقضاء ما يغلب على ظنك براءة ذمتك به، واحتاطي في ذلك، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
ولأنك كنت جاهلة بالحكم، وقلدت أباك ظنا منك أنه على بصيرة مما فعل، فيرجى ألا يلحقك إثم بسبب ذلك، ولا كفارة عليك أيضا بسبب التأخير في القضاء، وإنما يلزمك القضاء فقط.
قال الدردير في الشرح الكبير: ورابعها -أي موجبات الكفارة- أن يكون عالمًا بالحرمة. انتهى، هذا مع أن وجوب القضاء هنا محل خلاف، ولكنه هو الأحوط.
ولمزيد من الفائدة انظري الفتوى: 157215.
والله أعلم.