السؤال
لقد أشكل علَيّ أمر، وهو بخصوص الآيات المنسوخة. فأنا أعلم أن بعض الآيات المنسوخة نقلت معنى أو جُملة.
ولكن سؤالي هو هل جميع الآيات المنسوخة نقلت معنى أو جُملة، ونحوه؟ مثلًا آية الرجم: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة..) هل أُنزلت بهذا اللفظ ؟ بمعنى هل هي آية للإعجاز؟ هل تحدى الله -عز وجل- الكفار بأن يأتوا بسورة تشمل الآيات المنسوخة كآية الرجم؟ هل تعد قرآنًا؟ وكما أن الشيخ محمد العثيمين -رحمه الله تعالى- قال: إنه لا يستطيع أن يجزم أنها بهذا اللفظ.
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى عديدة معنى النسخ وأنواعه في القرآن الكريم، مثل الفتويين: 3715، 116729.
وبخصوص آية الرجم فقد بينا في الفتوى: 272890. ما ورد من لفظها في السنة المطهرة في الموطأ وصحيح ابن حبان.. وغيرهما، وقد صحح الشيخ الألباني أحاديث لفظها في السلسلة الصحيحة.
ومع ذلك، فلفظها لا يعد قرآنا متعبدا بتلاوته، معجزا في نظمه ومبناه أن يؤتى بمثله؛ لأن لفظها إنما صح بأخبار الآحاد، والقرآن لا يثبت برواية الآحاد، وإن صحت، فإن أي كلمة من القرآن لا تثبت قرآنيتها إلّا بالتواتر، وإلّا ردّت، وحكم عليها بالشذوذ، ولو صحت روايتها آحادا.
قال أبو جعفر النحاس في كتابه الناسخ والمنسوخ: وإسناد الحديث -الشيخ والشيخة إذا زنيا... - صحيح إلا أنه ليس حكمه حكم القرآن الذي نقله الجماعة عن الجماعة، ولكنه سنة ثابتة، وقد يقول الإنسان كنت أقرأ كذا لغير القرآن. انتهى.
وقال السيوطي في الإتقان: لا خلاف أن كل ما هو من القرآن يجب أن يكون متواترا في أصله وأجزائه.. للقطع بأن العادة تقضي بالتواتر في تفاصيل مثله، لأن هذا المعجز العظيم الذي هو أصل الدين القويم والصراط المستقيم، مما تتوفر الدواعي على نقل جمله وتفاصيله، فما نقل آحادا، ولم يتواتر، يقطع بأنه ليس من القرآن قطعا. انتهى
والله أعلم.