السؤال
إذا كنت أتبع مذهب القائلين بعدم انتقال النجاسة من الثوب المبلل إلى الثوب الجافّ إلا مع ظهور الأثر، فهل يقال نفس الشيء في الانتقال من المبلل إلى البدن -أي: هل يجب ظهور الأثر، أم يحكم بالتنجّس بمجرد اللمس؟
وإذا كان عندي سلس مؤقت بعد دخول الخلاء، وتسقط مني بعض قطرات البول في السروال الداخلي، فهل غسل بدني خوفًا من الانتقال من الثوب إلى البدن صحيح، أم إن هذا تنطع؟ وهل يعمل بغلبة الظن هنا؟ ووجِّهوني إلى كتب في المذهب الذي يقول بعدم انتقال النجاسة من الثوب المبلل إلى الثوب الجاف إلا مع ظهور الأثر، مع أدلتهم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما ذكرتَ أنك تقلّده هو مذهب الحنفية، كما سبق بيانه في الفتوى: 367774.
ويجوز لك تقليد هذا القول، فإن العامي يجوز له أن يقلّد من يوثَق بعلمه، ودِينه من أهل العلم، ولا يجب عليه تقليد مذهب بعينه، وانظر الفتوى: 186941.
ومذهب الحنفية أن البدن الجافّ يتنجّس إذا ظهر أثر من البلل النجس، ولا عبرة بمجرد النداوة.
أما الدليل على هذه المسألة، فلم نقف عليه في كتبهم، جاء في حاشية الطحطاوي الحنفي على مراقي الفلاح: ولو وضع قدمه الجافّ الطاهر، أو نام على نحو بساط نجس رطب، إن ابتلّ ما أصاب ذلك، تنجس، وإلا فلا، ولا عبرة بمجرد النداوة على المختار، كما في السراج عن الفتاوى. اهـ.
وقال ابن عابدين الحنفي في رد المحتار: وقال قاضي خان في فتاواه: إذا نام الرجل على فراش، فأصابه مني، ويبس، وعرق الرجل، وابتلّ الفراش من عرقه. إن لم يظهر أثر البلل في بدنه؛ لا يتنجس جسده، وإن كان العرق كثيرًا، حتى ابتلّ الفراش، ثم أصاب بلل الفراش جسده، وظهر أثره في جسده؛ يتنجس بدنه. اهـ.
والمني نجس عند الحنفية، ومن وافقهم من أهل العلم، لكن الراجح طهارته، كما تقدم في الفتوى: 63403.
أما ما تفعله من غسل بدنك مخافة أن تكون النجاسة قد انتقلت إليه من ثيابك، فإن كان ذلك بسبب مماسّة السروال المبلّل بالنجاسة لبدنك؛ فلا يعدّ من التنطّع؛ لأنه يعتبر نجسًا عند غير الحنفية، وانظر الفتوى: 230548.
والله أعلم.