السؤال
مشكلتي هي -والعياذ بالله- سوء الظن بالله، فأنا أخاف من الجنة خوفي من النار، فالله يعلم أن من مخاوف المرأة مشاركة غيرها لها في زوجها، وهي تقرأ في القرآن عن الحور العين -وأستغفر الله العظيم من سوء الظن- وأن الله سيرضي المرأة بناء على رغبة الرجل، فهو الأهم، فهي ستنزع منها الغيرة؛ لكي تتم النعمة عليه، وهناك ابتلاءات عديدة للمرأة، فالرجل مفضّل عند الله أكثر من المرأة، وفي ردود موقعكم أن جملة الرجال أفضل، وأن البنين هم زينة الدنيا، فهم مفضّلون عند الله، وعند الناس، وهي تسمى ابتلاء؛ لقول الرسول: "من ابتلي من هذه بشيء"، فإذا صبرت المرأة، واحتسبت الأجر على أنها فتاة، فهل تؤجر؟
أعلم أن الله لا يُسأل عما يفعل، ولكن ما الحكمة من وجود نعيم مشترك، ونعيم خاص بالرجل، فلماذا لا يوجد نعيم خاص بالمرأة؛ لأنها تحب الجمال؟ ولماذا اكتفى بوصف جمال الحور، ولم يذكر ما يدلّ أن نساء الدنيا أجمل، فهل ذلك لأنه من البدهي أن تكون أفضل من الحور؛ لأنها دخلت بأعمالها؟ وما الحكمة من أنه لا يوجد حديث أجر خاص بالنساء -إن تُزوج عليها، أو حملت، أو ولدت-؟ ولماذا تدخل في الأجور العامة فقط؟ وكل امرأة تريد زوجًا لا يشاركها فيه أحد، ويقول بعض أهل العلم: هي لن تشاء؛ لأنها نزعت الغيرة منها.
أنا أعلم أن الله قال: (لهم فيها ما يشاءون) من دون قيود، فالله قادر بطريقة -الله أعلم بها- أن يرضيهما الاثنين، وليس الرجل فقط، وهي ستنزع منها الغيرة، وهذا ليس بالشيء المحرم؛ لكيلا يكون في الجنة.
أعتذر على أسلوبي، ولكني وصفت ما أشعر به -عسى الله أن يغفر لي خطئي وتجاوزي-، فأنا أشعر أني منافقة، وأحتاج إلى رد سريع من فضيلتكم -جعلني الله وإياكم من أهل الجنة-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالجنة دار النعيم، وفيها ما تشتهيه الأنفس، من دخلها ينعم ولا يبأس، النفوس فيها راضية، والقلوب صافية، فلا غلّ، ولا حقد، ولا حسد، قال تعالى: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ [الأعراف:43].
وعلى العاقل أن يشغل نفسه بما يقرّبه إلى الله، ويوصلّه لمرضاته ودخول جناته، وراجعي الفتوى: 133454.
فنصيحتنا لك ألا تشغلي نفسك بما لا ينفعك في دِينك أو دنياك، بل ربما أضرّ بك، وشوّش عليك، وفتح الباب للشيطان ليلقي في الصدر الوساوس والشكوك.
واشغلي نفسك بما يزيد إيمانك، ويصلح قلبك، ويجلب له السكينة، ولا تسترسلي مع وساوس الشيطان، وشبهات المبطلين حول مكانة المرأة في الإسلام، فلا ريب في عدل الله تعالى، وحكمته، ورحمته في جميع أحكامه الشرعية والقدرية، فهو سبحانه لا يظلم مثقال ذرة، وهو برّ كريم شكور محسن، سبحانه وتعالى عمّا يقول الظالمون، وتقدّس وتنزّه عمّا ينسبه إليه الجاهلون المعتدون، فعدله وفضله وإحسانه سابغ على خلقه -رجالهم ونسائهم-، ولكنّ الظالمين بآيات الله يجحدون.
وليس صحيحًا عدم ورود أحاديث فيها ذكر أجور خاصة للنساء، فقد وردت أحاديث في ذلك، فمنها: ما رواه الإمام أحمد في مسنده، عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت.
وفيه أيضًا عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: الذي يقاتل فيقتل في سبيل الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شهداء أمتي إذن لقليل، القتيل في سبيل الله شهيد، والمطعون شهيد، والمبطون شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد. يعني: النفساء.
وراجعي الفتويين: 278251، 271546.
والله أعلم.