السؤال
أقسمت بألا أتعامل ماديًّا مع صديق لي، وقلت: تكون زوجتي حراما علي كظهر أمي، إن تعاملت معه ثانيًا.
فما هي الكفارة في حالة إعادة التعامل معه؟
أقسمت بألا أتعامل ماديًّا مع صديق لي، وقلت: تكون زوجتي حراما علي كظهر أمي، إن تعاملت معه ثانيًا.
فما هي الكفارة في حالة إعادة التعامل معه؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيلزمك أولا أن تتوب إلى الله تعالى من الظهار الذي وقع منك؛ لأن الظهار محرم، وسماه الله تعالى في كتابه منكرا من القول وزورا؛ ولذا ذهب بعض الفقهاء إلى أنه كبيرة من كبائر الذنوب، كما قال ابن حجر الهيتمي في الزواجر: وَمِنْ ثَمَّ اُتُّجِهَ بِذَلِكَ كَوْنُ الظِّهَارِ كَبِيرَةً؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - سَمَّاهُ زُورًا، وَالزُّورُ كَبِيرَةٌ كَمَا يَأْتِي. وَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا نُقِلَ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّ الظِّهَارَ مِن الْكَبَائِرِ .. اهــ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: الظِّهَارُ مُحَرَّمٌ، وَلاَ يُعْتَبَرُ طَلاَقًا، وَصَرَّحَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ مِنَ الْكَبَائِرِ لِكَوْنِهِ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْل وَزُورًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْل وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}. اهـ
والتوبة منه تكون بالندم على فعله، والعزم مستقبلا على عدم العودة إليه.
وإذا تعاملت مع ذلك الرجل لزمك كفارتان:
أولهما: كفارة اليمين، لأنك إذا أقسمت بالله تعالى ــ أو بصفة من صفاته، أو اسم من أسمائه ــ على عدم التعامل مع ذلك الشخص، فإن هذه يمين، وتحنث فيها إذا تعاملت معه، وتلزمك كفارة يمين في الحنث.
وثانيهما: كفارة الظهار؛ لأن قولك "تكون زوجتي حرام علي كظهر أمي إن تعاملت معه" هذا يعتبر تعليقا للظهار، وقد نص الفقهاء على أن الظهار كالطلاق يقبل التعليق، فإذا وقع ما عَلَّقْتَ عليه الظهار لزمك حكمه.
قال الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ كَالطَّلَاقِ وَالْكَفَّارَةِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ، وَتَعْلِيقُ الظِّهَارِ كَقَوْلِهِ: إذَا جَاءَ زَيْدٌ أَوْ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ، فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ صَارَ مُظَاهِرًا لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ . اهــ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: وَالظِّهَارُ الْمُعَلَّقُ هُوَ: مَا رَتَّبَ حُصُولَهُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل بِأَدَاةٍ مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ الْمَعْرُوفَةِ مِثْل " إِنْ " " وَإِذَا " " وَلَوْ " " وَمَتَى " وَنَحْوِهَا، وَمِنْ أَمْثِلَةِ الظِّهَارِ الْمُعَلَّقِ: أَنْ يَقُول الرَّجُل: لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إِنْ سَافَرْتِ إِلَى بَلَدِ أَهْلِكِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لاَ يُعْتَبَرُ مَا صَدَرَ عَنِ الرَّجُل ظِهَارًا قَبْل وُجُودِ الشَّرْطِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ؛ لأِنَّ التَّعْلِيقَ يَجْعَل وُجُودَ التَّصَرُّفِ الْمُعَلَّقِ مُرْتَبِطًا بِوُجُودِ الشَّرْطِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، فَفِي الْمِثَال الْمُتَقَدِّمِ لاَ يَكُونُ الرَّجُل مُظَاهِرًا قَبْل أَنْ تُسَافِرَ زَوْجَتُهُ إِلَى بَلَدِ أَهْلِهَا، فَإِذَا سَافَرَتْ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ صَارَ مُظَاهِرًا، وَلَزِمَهُ حُكْمُ الظِّهَارِ. اهــ.
وعليه؛ فإذا تعاملت مع الرجل ثانية، فإنه يحرم عليك جماع زوجتك قبل أن تكفر كفارة الظهار، المذكورة في قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ {المجادلة:3-4}.
ولمزيد فائدة انظر الفتوى: 422953.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني