الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز التستر على سابّ الدِّين أو الانتقام منه بالسحر؟

السؤال

كنت أتستر على أحد الأشخاص (ك) في مواقع التواصل، فقد كان هذا الشخص يشتم بعض الشباب والبنات الموجودين في قائمة صداقته؛ وكنت أحيانًا أنصحه، وأحيانًا أضحك له؛ بدافع التخلص منه ومن نميمته.
وبعدما علمتُ أن (ك) تشاجر مع أحد الأشخاص، وقام (ك) بشتم الله، ودِين ذلك الشخص؛ قمتُ بالتقاط صور لمحادثاته، وكلامه الذي كان يقوله لي، وفضحتهُ في مواقع التواصل، وهددته أن أبلغ الحكومة؛ فهدأ حينها، وبعد فترة عاد من جديد مع مجموعة أصدقاء من نفس طينته وبلدته، وقد أتى بهم ليدافعوا عنه، ويدعموه رغم شتائمه للناس.
وهذا الشيء سبّب لي توترًا، وحقدًا عليه، وعلى مجموعة الناس الذين أتى بهم ليدافعوا عنه؛ رغم معرفتهم به وبشتائمه، ولا أخفيكم أني وصلت لمرحلة التفكير بالذهاب إلى ساحر -والعياذ بالله- والانتقام من (ك) وأصدقائه عن طريق هذا الساحر، فهل أنا مُذنب، وآثم بتستُري على هذا الشخص (ك)؟ وماذا أفعل لكي أنهي المشكلة: هل أُبلغ عليه كي يتأدب، أم أكتفي باستخدام الحظر، وأنسى كل ما قاله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن من أعظم الأمور خطرًا، وأشدها إثمًا، سب الرب تبارك وتعالى، وسب دِينه؛ فإن ذلك كفر بالله عز وجل، يستوي فيه الجاد والهازل، كما ذكر أهل العلم، ونقلنا كلامهم بهذا الخصوص في الفتوى: 71499.

وهذا من أخطر ما ذكرت عن هذا الرجل، هذا بالإضافة إلى ما حكيت عنه من مشيه بالنميمة، وسبه للناس، فهذه ظلمات من الآثام بعضها فوق بعض.

ويجب على من رأى منه شيئًا من ذلك أن ينكره عليه، وقد أحسنت في قيامك بنصحه، ولكنك أسأت بمضاحكته؛ فإنه إن لم ينتهِ بعد نصحه، لم يكن لك مجالسته فضلًا عن مضاحكته، والله تعالى يقول: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ {النساء:140}، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 227599.

ولا يجوز لك استخدام السحر للانتقام منه، أو لأي غرض آخر؛ لأن السحر كفر بالله العظيم، وقد نص أهل العلم على أن القاتل بالسحر، لا يجوز قتله بالسحر قصاصًا، لأن السحر معصية، وأن هذا مستثنى من قوله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ {النحل:126}، جاء في الكافي من كتب الحنابلة: وإن قتله بمحرم لعينه، كالسحر، وتجريع الخمر، واللواط، قتل بالسيف رواية واحدة؛ لأن ذلك محرم لعينه، فسقط. اهـ.

والتستر عليه لا يجوز، إلا إذا خشيت منه ضررًا، فابحث عن بعض الجهات المسؤولة التي يمكنها أن تردعه ومناصريه عن سوء أفعالهم.

فإن أمكنك أن تجد، فذاك، وإلا فيسعك أن تجتنبه؛ لتسلم من شره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني