السؤال
هل يجوز لمن فقد شخصًا عزيزًا عليه بالموت، أن يكتب خواطر تعبّر عن ألمه، وحزنه، وصعوبة الحياة من بعده، وأن فراقه مؤثر، وينشرها في وسائل التواصل الاجتماعي: (تويتر، وفيسبوك، وانستغرام، وواتساب)؟ وهل تعدّ هذه الخواطر أسلوبًا من أساليب النياحة، أو من نياحة العصر الحديث؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحزن على موت القريب أو المحبوب، أمر فطري، لا يملك الإنسان دفعه.
وقد حزن النبي صلى الله عليه وسلم على موت عمّه حمزة، وغيره من أهله وأصحابه، وبكى، وقال عند موت ابنه إبراهيم: إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ. متفق عليه.
والأصل أن المسلم مطالب بالصبر على أقدار الله المؤلمة، والتي منها موت القريب.
ولكن لو كتب خواطر -كما أشرت إليها-، دون أن يقع في كذب، ولا تبرّم بالقضاء، ولا مبالغة، ولا غيرها مما يشعر بعدم التسليم للقضاء، فلا نجد ما يمنع من ذلك.
ولكن الإكثار من ذكر الميت، لا سيما بعد طول المدة، وتكرار ذلك، وتجديده، مكروه؛ لأنه قد يشعر بعدم الرضا بقضاء الله تعالى، ويجدّد الحزن أيضًا.
وعليه؛ فيكره هذا الفعل.
وأما هل يعد هذا أسلوبًا من أساليب النياحة العصرية أم لا؟
فاعلم أن النياحة المنهي عنها ما فيه ذكر أوصافه الحسنة، وأن يصحب ذلك منكر من تجديد الأحزان، أو المبالغة في الثناء بالكذب، أو يجرّ مجرى التفاخر والمراءاة, أو يتخذ ذلك عادة تتكرر وتعود بعود الزمان، ونحو ذلك، فهذا هو المنهي عنه.
أما ما خلا عن ذلك، فلا حرج فيه ـ إن شاء الله -، جاء في تحفة الأحوذي: المرثية المنهي عنها ما فيه مدح الميت، وذكر محاسنه، الباعث على تهييج الحزن، وتجديد اللوعة، أو فعلها مع الاجتماع لها، أو على الإكثار منها، دون ما عدا ذلك. انتهى.
فإن كان ما يكتب في هذه الخواطر مثل ما ورد في شرح الحديث، فهو من النياحة، وما لم يكن كذلك، فليس من النياحة المنهي عنها.
والله أعلم.