السؤال
نويت الحج متمتعة هذ العام، وأنا مقيمة بجدة، ولكن لم أحرم، ولم أتوضأ، وسافرت إلى مكة، وبسبب وجود أطفال معي، لم أستطع أن أعمل عمرة، ودخلت فترة الحيض، وسأنتهي منها في 6 ذي الحجة، فهل عليَّ السعي والطواف؟ أم عليَّ ذبح دم، أم أنوي الحج بالإفراد؟ علمًا أني أقمت بمكة 21 يومًا قبل الحج.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فما دمت قد نويت الحج، فقد كان الواجب عليك أن تحرمي من مكان إقامتك في جدة، ولم يجز لك أن تأتي مكة دون إحرام، سواء نويت الحج متمتعة، أم مفرِدة، أم قارنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما حدّد المواقيت: هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ، فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وإذ لم تفعلي؛ فالواجب عليك الرجوع إلى ميقاتك ــ جدة ــ لتحرمي منه، جاء في الموسوعة الفقهية: مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ لِيُحْرِمَ مِنْهُ، إِنْ أَمْكَنَهُ، فَإِنْ رَجَعَ إِلَيْهِ، فَأَحْرَمَ مِنْهُ، فَلاَ دَمَ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَتَجَاوَزْهُ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ؛ لأِنَّهُ أَحْرَمَ مِنَ الْمِيقَاتِ الَّذِي أُمِرَ بِالإْحْرَامِ مِنْهُ. اهــ.
فإذا لم ترجعي؛ فأحرمي من مكة، وعليك دم يذبح، ويوزع على فقراء الحرم؛ لأنك تركت واجبًا من واجبات الإحرام، ولك أن تحرمي متمتعةً، إن علمت أنك تطهرين من الحيض قبل يوم التروية ــ كما ذكرت ــ، فتحرمين، وتطوفين للعمرة، وتسعين، وتقصرين من شعرك، وتحلين، ثم تحرمين يوم التروية بالحج، وعليك دم تمتع.
وإن دخل عليك يوم التروية قبل أن تطهري، فأدخلي الحج على العمرة، فأحرمي بالحج على العمرة، وتصيرين قارنة، واذهبي مع الحجاج إلى منى، وأتمي كل أفعال الحج، غير أن لا تطوفي طواف الإفاضة حتى تطهري، فإذا طهرت، فطوفي للإفاضة، واسعي، وعليك دمٌ للقِران، وطوافك هذا وسعيك يكفيك لحجك وعمرتك، وإذا انتهيت من أعمال الحج، وأردت الرجوع لجدة، فطوفي للوداع.
ومن المهم أن تعلمي، أن الإحرام أول أركان الحج، كتكبيرة الإحرام للصلاة، فمن ركع وسجد، وقام بكل أفعال الصلاة، ولم يكبر للإحرام في أولها، فإنه لم يصلِّ، وكذا من فعل أعمال الحج من غير أن يحرم به، فإنه لم يحج.
والإحرام ليس هو مجرد نية الحج، بل الإحرام هو نية الدخول فيه، فقد ينوي الإنسان الحج هذا العام، وهو في بلاده، ولا يعدّ بذلك محرمًا، لكن إذا وصل للميقات، ونوى الدخول فيه، فقد أحرم.
والله أعلم.