السؤال
إذا ما تم قتل شخص مسلم (زيد مثلاً) من قبل شخص آخر غير مسلم (عمرو مثلاً) بسبب طيش بدر من شخص ثالث مسلم، قام بتحريض عمرو على قتل زيد، ولكنه قصد الإخبار، ولم يقصد التحريض (أي أن هذا التحريض لم يكن في الحقيقة مباشراً، ولا مقصوداً) ولم يكن هذا الشخص الثالث يتوقع إطلاقاً أن يتم قتل زيد، بل هو حزين جداً على ذلك.
فهل يعتبر الشخص الثالث شرعاً، قاتلاً أم متسبباً في القتل (علماً أن هذا الشخص الثالث يشعر بالذنب والندم، رغم أن طيشه كان بسبب مرض يؤثر على تفكيره، وقراراته بنسبة كبيرة، ولكنه يخشى أن يكون متسببا في القتل من ناحية شرعية؛ فيلقى عقوبة الله تعالى في الآخرة والعياذ بالله) أم يعتبر بريئاً لا شيء عليه؟ وهل هذا القتل يعتبر قتل خطأ، أم شبه عمد؟ وهل تلزمه الدية والكفارة؟ وما مقدار كل منها بالعملة، علماً بأن الشخص الثالث والمقتول، كلاهما من أهل المدن؟
أرجو ذكر الدليل، أو أقوال أهل العلم من فضلكم، وأعتذر عن الإطالة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا وجه لاعتبار هذا الطرف الثالث قاتلا، بل القاتل هو الشخص الثاني غير المسلم؛ لأنه هو الذي باشر القتل.
وأما ما فعله الطرف الثالث من الكلام في حق المقتول، فقد قصد به الإخبار لا التحريض على القتل، فضلا عن الأمر به، ومع ذلك فلم يكن يتوقع إطلاقاً أن يتم القتل، كما ورد في السؤال. ويتضح ذلك بأن المرء لو أمر من يعرف حرمة القتل، بقتل إنسان صراحة، دون أن يكرهه على ذلك، فالقصاص على المأمور الذي باشر القتل دون الآمر.
قال ابن قدامة في عمدة الفقه: إن أمر من يعلم تحريم القتل به، فقتل، فالقصاص على المباشر، ويؤدب الآمر. اهـ.
وهذا - نعني مسألة الأمر الصريح بالقتل - جار على قاعدة تقديم المباشر على المتسبب.
جاء في (الموسوعة الفقهية): لا خلاف بين الفقهاء في أن التعدي على الغير مباشرة، هو من أقوى أسباب الضمان. كما اتفقوا في الجملة على أنه إذا اجتمع المباشر والمتسبب، أضيف الحكم إلى المباشر، وإن اختلفوا في بعض الجزئيات. فالقاعدة: إذا اجتمع السبب والمباشرة، أو الغرور والمباشرة، قدمت المباشرة. اهـ.
والله أعلم.