السؤال
أمي عمرها 52 سنة، وأنا متزوجة وعمري 27 سنة، ولي أخ واحد، وقد توفي أبي منذ خمس سنوات، وبعدها تزوجت أمي رجلًا أصغر منها، وطلبت أمي من زوجها أن تتبنى طفلًا، فرفض، وهو متزوج، وعنده أطفال من أخرى، وأمي الآن تنوي أن تقنع زوجها أنها حامل، وتريد أن تحضر طفلًا رضيعًا من ملجأ، وتنسبه إلى زوجها، وتسميه باسمها واسمه، ولما صارحتني بما تنوي فعله عارضتها، وحاولت أن أقنعها بشتى الطرق أن هذا حرام، وأنه سيدخلها في مشاكل كثيرة، ولكن دون جدوى، وما يحدث أنها تغضب عليّ وأنا لا أطيق غضبها عليّ، وهي تقول: إن نيتها أمام الله صالحة، وإنها تريد كفالة يتيم، وهي تريد أن تقيم عندي أيام ولادتها المزعومة، وقد رفض زوجي هذا، وقال لي: إنه يعتبر اشتراكًا في الجريمة، فما موقفها أمام الشرع؟ وكيف أتصرف إذا عملت ما تنوي فعله وعارضتها؟ وما موقفي من غضبها عني بعد ذلك؟ أرجو الرد بسرعة؛ لأني منهارة جدًّا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما تريد أمك الإقدام عليه، معصية شنيعة, ومنكر عظيم, فإن الإسلام حرّم التبني الذي كان شائعًا في الجاهلية، وأمر بنسبة الولد إلى أبيه، قال الله تعالى: مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ* ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب:4-5}.
فما تريد أمك فعله من نسبة اليتيم إلى الزوج، تترتب عليه محاذير كثيرة, ومفاسد جسيمة، كتوريث من ليس بوارث, والمحرمية لغير المحارم, إضافة إلى المفاسد المتعلقة بإلحاقه بعائلة الأم، وينضاف إلى ما ذكرنا حرمة الكذب، والتدليس, وراجعي الفتوى: 116404.
والرغبة في كفالة اليتيم، لا تبرّر هذه المنكرات, فالكفالة مجرد فضيلة مرغب فيها, ولا تأثم أمّك إذا لم تفعلها أصلًا, وراجعي الفتوى رقم: 134933.
أمّأ -أنتِ أيها السائلة- فلا يجوز لك أن تعيني أمّك على ما تريد فعله، بأي وسيلة كانت, واجتهدي في نصحها, وسلّطي عليها من يقدر على التأثير عليها, ولا تجوز لك طاعتها, ولو غضبتْ عليكِ, فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه, واللفظ لمسلم.
والله أعلم.