السؤال
شخص ادعى أنه نبي بعد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم تاب بعد فترة من ذلك، وندم على ما قال، ولم يتبعه أحد، ثم انقطع عنه جميع أهله وأصدقائه، ومات بعيدا عن جميع أفراد عائلته، ولم يدفنه أحد منهم، ولم يدفن مع المسلمين، ولم يقم أحد بالصلاة عليه، لأن المدينة التي عاش فيها في نهاية حياته لا يعرفه فيها أحد، فهل هذا الشخص قد مات كافرا ولم تقبل توبته؟ وهل هذا دليل على سوء الخاتمة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن ادعى النبوة ثم عاد إلى الإسلام وتاب من دعواه وندم على ما أتاه من الكفر، فإن توبته مقبولة، وإن مات بعد التوبة مات مسلما، وقد ادعى طليحة بن خويلد الأسدي النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثم تاب وحسن إسلامه وقتل شهيدا ـ رضي الله عنه ـ وقد ترجمه الحافظ ابن حجر في الصحابة، وقال في أثناء ترجمته: وفي رواية محمّد بن كعب لم يسمّ منهم سوى طليحة، وزاد: فارتد طليحة وأخوه سلمة بعد ذلك، وادّعى طليحة النّبوّة، فلقيهم خالد بن الوليد ببزاخة فأوقع بهم، وهرب طليحة إلى الشّام، ثم أحرم بالحج، فرآه عمر، فقال: إني لا أحبك بعد قتل الرّجلين الصّالحين: عكّاشة بن محصن، وثابت بن أقرم، وكانا طليقين لخالد، فلقيهم طليحة وسلمة فقتلاهما، فقال طليحة، هما رجلان أكرمهما اللَّه بيدي ولم يهني بأيديهما، وشهد القادسيّة ونهاوند مع المسلمين، وذكر له الواقديّ ووثيمة وسيف مواقف عظيمة في الفتوح.... قال الواقدي: وأسلم طليحة إسلاما صحيحا ولم يغمص عليه في إسلامه بعد... ويقال: إنه استشهد بنهاوند سنة إحدى وعشرين. انتهى.
فإن كان هذا الرجل قد تاب توبة صحيحة، فإن توبته مقبولة، ولا يضره أنه لم يغسل ولم يكفن ولم يصل عليه، والواجب على من كان علم بحاله من المسلمين أن يغسله ويكفنه ويصلي عليه، فإن دفن بلا تغسيل وتكفين نبش حتى يغسل ويكفن ويدفن مع المسلمين، فإن لم يمكن ذلك أو كان يخاف عليه التفسخ إن أخرج من قبره فإنه لا ينبش، ويصلى عليه عند قبره إن أمكن، وتنظر الفتوى رقم: 313468.
فإن تعذر ذلك أيضا فإنه تصلى عليه صلاة الغائب، ويدعى له بالمغفرة والرحمة، ولا يلزم أن يكون ما وقع له دلالة على سوء خاتمته.
والله أعلم.