السؤال
أعمل مديرا في بعض الشركات، وأعلم جيدا حرمة القرض الربوي، إلا أنه يوجد موظف بالشركة لديه ظروف طارئة ويريد أخذ قرض ربوي لعلاج أمه على حد قوله، وتشترط موافقتي وتوقيعي على طلب القرض لكي يحصل الموظف على القرض، فهل موافقتي على طلب القرض من الإعانة على أكل الربا؟ مع العلم أنني لست متيقنا من حجم الضرورة أو الظروف التي يمر بها الموظف، حيث يقول إنه يريد أن يعمل عملية جراحية لوالدته، وهل هذا في حكم الضرورة التي تبيح الاقتراض بالربا؟.
وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاقتراض بالربا محرم شرعاً، بل هو من الكبائر العظيمة وإحدى الموبقات السبع، ولا يجوز الإقدام عليه إلا عند تحقق الضرورة المبيحة لارتكاب المحظور، وحدُّ الضرورة المبيحة لتناول الحرام هي وصول المكلف إلى حد إذا لم يتناول الحرام هلك أو قارب، أو وصوله إلى درجة من المشقة لا تحتمل إلا بضرر كبير، ولا تندفع إلا بتناول الحرام.
وما ذكر في السؤال ليس فيه تحديد لمدى الضرورة لهذه العملية، وبالتالي فلا نستطيع تنزيل الحكم عليه، وغاية ما نستطيع قوله هو: أن الأصل أنه لا يجوز للمسلم أن يقترض بالربا، إلا وفق الضوابط التي ذكرناها، والبدائل المشروعة التي تغني عن اللجوء إلى الربا والمعاملات المحرمة كثيرة ـ ولله الحمد ـ لمن تحراها، وقد بينا طرفا من ذلك في الفتوى رقم: 132156.
وعلى هذا؛ فلا يجوز لك أن تعين الموظف على ذلك الفعل المحرم ما لم يتحقق فيه شرط الضرورة وفق ما بيناه في الفتوى رقم: 178181. فإن تحققت فيه جاز؛ وإلا كنت معينا على الإثم شريكا فيه، وقد قال تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان {المائدة:2}.
وروى مسلم عن جَابِرٍ ـ رضي الله عنه ـ قال: لَعَنَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا وموكله وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وقال: هُمْ سَوَاءٌ. قال النووي في شرح صحيح مسلم: هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابيين والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل. اهـ.
والله أعلم.