السؤال
أسمع أن الداعين إلى الإسلام بعضهم منافقون أهذا صحيح؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن النفاق على قسمين: نفاق أكبر مخرج من الملة، وهو متعلق بالاعتقاد كأن يبطن الشخص الكفر ويظهر الإسلام وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم فهو في الحقيقة كافر. أما النوع الثاني: فهو النفاق الأصغر الذي لا يخرج صاحبه من الملة، ويسمى النفاق العملي، ومثاله ما جاء في الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أربع من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر. وهذان القسمان بالمشاهدة والاستقراء أقل من يتصف بهما هم الدعاة إلى الله تعالى، وإن كان النوع الأول أمراً باطنياً، والأمور الباطنية لا يعلمها إلا الله تعالى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم.... رواه مسلم. وقال عمر رضي الله عنه: إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيراً أمناه وقربناه وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة. رواه البخاري. فالناس يؤخذون ويحكم عليهم بتصرفاتهم وبما ظهر من أحوالهم وكل إناء بالذي فيه ينضح. والذي يظهر من حال دعاة الإسلام ومن تصرفاتهم أنهم بعيدون عن صفات المنافقين، وإن كانوا غير معصومين منها أو من غيرها، وربما يندس بينهم من ليس منهم لسبب ما، وربما يضعف بعضهم أمام طبيعته البشرية وشهواته الشخصية. وما الذي يدعو دعاة الإسلام في هذا العصر الذي يحارب فيه كل ما هو إسلامي إلى النفاق؟ والتظاهر بغير الحقيقة؟ والناس جميعاً يشاهدون الفسقة والعلمانين والعملاء، معززين مكرمين ومقربين وأمورهم ميسرة. وبالعكس من ذلك حال الدعاة إلى الإسلام في أغلب البلاد فإنهم مضايقون ومضطهدون ومشردون... فما الذي يدعوهم إلى أن ينافقوا أو يقولوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم؟ والحقيقة أن صفات المنافقين في غير دعاة الإسلام أكثر وأظهر.... وأما دعاة الإسلام الذين يحملون العلم وينطقون بقول الله تعالى وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم أقل الناس نفاقاً نحسبهم كذلك والله حسيبهم ولانزكي على الله أحداً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يحمل هذا الدين من كل خلف عدولُه، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين. رواه البيهقي وصححه الألباني في مشكاة المصابيح. والحاصل أن التشكيك في الدعاة إلى الإسلام واتهامهم بالنفاق من تشويه أعداء الإسلام قديماً وحديثاً، ولا ينبغي للمسلم أن يلتفت إليه أو ينخدع به، وعليه أن يعمل لدينه ولصالح أمته ويعامل الناس بالظواهر والله يتولى السرائر. والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني