السؤال
سألت شيخا: ما حكم من سب الله في يوم من رمضان، وأكمل يومه صائما، وأفطر عند الأذان، فقال لي: يحتاج إلى محكمة إسلامية تسأله. فقلت له: فهل نحكم بأنه مسلم؟ فقال لي: نعم، أو قلت له وقتها: فهل نحكم عليه بأن بقي على الإسلام؟ فقال: نعم. لا أذكر بالضبط أي واحدة من العبارتين قلت له وقتها، وقد أخذت بكلام الشيخ.
فهل آثم؟ وهل يجوز أن أبقى أصلي وراءه، وأستفتيه أم لا؟ وهل يمكن أن يكون الخوف عذرا له؟
أرجو الدقة في الجواب.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالقول بكفر المرتد لا يتوقف على إصدار حكم من القضاء الشرعي، ولا نعلم أحدا من أهل العلم قال بهذا، فمن سب الله تعالى قاصدا السب، مختارا غير مكره، أو سب رسوله كذلك، أو رمى المصحف في القاذورات، أو ارتكب ناقضا من نواقض الإسلام، عالما مختارا غير متأوِّلٍ، فإنه يُفتى بكفره وردته عن الإسلام وإن لم يصدر حكم عليه من القضاء الشرعي بذلك، وإنما يختص القضاء الشرعي باستتابته، وإقامة الحد عليه.
وأما القول بردته فلا، وساب الله تعالى يكفر، ولا يتصور فيه وجود عذر الجهل؛ لأنه لا أحد يجهل وجوب تعظيم الله تعالى وتحريم سبه.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: مسألة العذر بالجهل هل تدخل فيها مسألة سب الدين وسب الرب؟
فأجاب بقوله: هل أحد يجهل أن الرب يجب تعظيمه؟ قل: نعم، أو: لا؟ السائل: لا.
الشيخ: لا أحد يجهل أن الرب له من التعظيم والإجلال ما لا يمكن أن يسبه أحد، وكذلك الشرع، فهذه مسألة فرضية في الذهن لا وجود لها في الواقع. اهـ.
فمن سب الله تعالى قاصدا لم يكن سبق لسان منه، وهو غير مكره، فإنه يُحكم بكفره عينا، ومن أفتى بأنه لا يكون مرتدا إلا بحكم القاضي فقد أخطأ، ولكن لا حرج في الاقتداء بهذا المفتي، ولا يكون خطؤه سببا في بطلان الصلاة خلفه، ولا حرج في استفتائه أيضا ما دام من أهل العلم الذين يصلحون للإفتاء، ومستجمعا للشروط الواجب توافرها في المفتي، ولو أن كل من أخطأ من أهل العلم في فتوى تُرِكَ، لما بقي أحد يُستفتى.
والله تعالى أعلم.