السؤال
عندما تبتعد الفتاة عن الزنا، وتعزم على عدم العودة، وتستغفر الله، وتصلي ركعتين لله تعالى من أجل التوبة من الزنا، وتبتعد عن التحدث مع الشباب، وتلزم، وتدعو الله أن يغفر لها ذنب الزنا في صلاتها.
هل تعتبر هذه توبة، ويصح بعدها أن تتزوج من أي شخص، أم توبتها تعد ناقصة، وﻻ تقبل ويصبح زواجها حراما؛ إذ ﻻ يجوز التزوج من الزانية حتى تتوب، وتحيض حيضة؟
وهل يجب إخبار أبيها وأمها، وخطيبها، أو الشيخ عند عقد القران، أم تستر على نفسها؟
أرجوكم أفيدوني؛ لأني عندما قرأت أنه يحرم الزواج من الزانية إلا بعد التوبة، أصبحت أفكر وأخشى أن يصبح زواجي حراما؛ لأني عندنا قرأت عن التوبة وجدت مكتوبا أن من شروطها: الندم، والإخلاص، والنية، وأنا نيتي أن ﻻ يكون زواجي حراما، وأن أرضي الله، ويغفر لي سويا.
فهل بذلك أكون منافقة، بسبب خوفي الشديد من أن يكون زواجي حراما، بسبب عدم قبول التوبة؛ لأنني أفكر في الزواج كثيرا، وعندنا علمت باشتراط التوبة قبل الزواج، قررت التوبة؛ لكيلا يصبح زواجي في المستقبل حراما، وأيضا أريد إرضاء الله.
أعتذر عن الإطالة، لكن تراودني أفكار أن توبتي غير مقبولة، بسبب أني فضلت التوبة من أجل الزواج في المرتبة الأولى. أفيدوني.
أم أبتعد عن الزواج كليا حتى ﻻ أغضب الله، وﻻ أقع في الحرام.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن تابت على هذا النحو المذكور بالسؤال، فإن توبتها صحيحة، نرجو أن يتقبلها الله عز وجل منها، فمن تاب، تاب الله عليه؛ قال سبحانه: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة:104}، وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد إذا اعترف بذنب، ثم تاب، تاب الله عليه. ولا يضر كون المرأة تابت لتتزوج. وليس هذا من النفاق في شيء.
فأحسني الظن بربك، ولا تلتفتي إلى هذه الوساوس الشيطانية، ففيها نوع كيد منه ليحول بينك وبين العفاف، ويوقعك في الفواحش؛ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}.
ولا تخبري أحدا بما قد جرى منك، لا والدا، ولا والدة، ولا خطيبا ولا غيرهم، بل يجب على المرء أن يستر ما ستره الله تعالى، كما بينا في الفتوى رقم: 1095.
وتفكيرك في الزواج وسعيك إليه هو الصواب، ويجوز للمرأة شرعا أن تبحث عن الأزواج، وتعرض نفسها على من ترغب في زواجه منها، في حدود الآداب الشرعية، كما بينا في الفتوى رقم: 18430.
واحرصي على اختيار صاحب الدين والخلق، فهو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه؛ فزوجوه. ومن كان على هاتين الصفتين، إن أحب المرأة أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
ونوصيك بالحذر من كل ما يمكن أن يقودك إلى الوقوع في الفاحشة مرة أخرى، وعليك بالستر والحشمة، والحزم في التعامل مع الرجال الأجانب، والحرص على مصاحبة المؤمنات الصالحات. روى أحمد وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل. ولا يخفى تأثير الصديق على صديقه إيجابا أو سلبا.
والله أعلم.