السؤال
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع: في بعض المرات أبي وأمي يمنعانني من الذهاب إلى أصدقائي، وحينما يسألني أصدقائي عن السبب أقول في نفسي إن قلت لهم إن أبي وأمي منعاني أصبحت نماما، وإذا لم أقل لهم الحقيقة أكون كاذبا، والكذب محرم، فإما أن أكذب أو أكون نماما، وهناك حل ثالث وهو أن أتهرب من السؤال وأتحايل، وهذا يصعب علي، فماذا أفعل هنا؟ وهل إن قلت لهم الحقيقة أكون نماما؟ وكذلك خالتي في بعض المرات زوجها يمنعها من الذهاب إلى أخواته، فماذا تقول لهن؟ وهل تقول لهن الحقيقة، وهنا ربما تصبح شحناء وبغضاء، فما هو قول العلماء في هذه المسائل؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا خشيت أن يساء الظن بوالديك أو يكون في إخبارك بكونهما منعاك من الذهاب مثارا للعداوة أو قطيعة الرحم، فلا تخبر بذلك، ويسعك استعمال المعاريض، فإن فيها مندوحة عن الكذب، فلو سألك شخص ما الذي منعك من الحضور مثلا فقلت له: حصل ظرف طارئ أو نحو هذا من الكلام، لم تكن بذلك كاذبا، وكنت متلافيا لما عسى أن يحدث من الفساد والشر بإخبارك بالحقيقة، وكذلك ينبغي على خالتك إذا منعها زوجها من الذهاب إلى أخواته، وخشيت إن أخبرت بذلك من إثارة شحناء، ألا تخبر بذلك، وإذا سئلت فلها أن تستعمل المعاريض.
والخلاصة أن الذي ينجي من هذه الورطة هو استعمال المعاريض، ففيها مندوحة عن الكذب، وأما إن كان إخبارك بمنع أبويك لك وإخبار خالتك بمنع زوجها من زيارة أخواته، لا يترتب عليه شر، فليس هو من النميمة المحرمة ولا حرج فيه إذاً، قال الغزالي رحمه الله: اعلم أن اسم النميمة إنما يطلق في الأكثر على من ينم قول الغير إلى المقول فيه، كما تقول فلان كان يتكلم فيك بكذا وكذا، وليست النميمة مختصة به، بل حدها كَشْفُ مَا يُكْرَهُ كَشْفُهُ سَوَاءٌ كَرِهَهُ الْمَنْقُولُ عَنْهُ أَوِ الْمَنْقُولُ إِلَيْهِ، أَوْ كَرِهَهُ ثَالِثٌ. اهـ
والله أعلم.