السؤال
نويت أن أقوم بالعمرة أنا وزوجتي هذا الأسبوع -إن شاء الله- وعندي طفلان: الأول عمره ثلاث سنوات، والثاني عمره سنة واحدة. ولا أريد أن أنوي عن الطفلين نية العمرة، ولا ألبسهما الإحرام، فهل يجب عليّ شيء في هذه الحالة؟ وهل يجوز أن أعتمر أنا وزوجتي دون إدخال الأطفال بنية العمرة، وبدون إحرام لهما؟ وهل يجوز حمل الطفل الرضيع أثناء تأدية مناسك العمرة، علمًا أنه يلبس المخيط؟ علمًا أنهما سيكونان معي في جميع مناسك العمرة؛ لأنه لا يوجد مكان أضعهما فيه؟ وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، وبعد:
فلا يجب عليك إعمار الطفلين، ولا حرج عليك في أن تعتمر أنت وزوجك من دون أن يعتمرا معك، ولعل الأفضل أن يعتمرا معكما، ما دام أنهما سيكونان معكما على كل حال، إلا إذا كان إعمارهما سيسبب لك مشقة لا تحصل لو لم يعتمرا، فتعتمر أنت وزوجتك على غير الوجه الأكمل، فالأفضل حينئذ أن لا يعتمرا، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: فإذا قال قائل: هل أفضل أن يحج الصبيان ويعتمرون؟ أو الأفضل ألا نفعل؟
فالجواب: إن كان الحج بهم يؤدي إلى التشويش عليه، وإلى المشقة التي تحول بينك وبين إتمام نسكك، فالأفضل ألا يحرموا. وهذا حاصل في أيام المواسم: كالعمرة في رمضان، وكأيام الحج؛ ولهذا نقول: الأفضل ألا تحججهم، أو تعتمر بهم في هذه المواسم؛ لأن ذلك مشقة عليهم، ويحول بينك وبين إتمام نسكك على الوجه الأكمل، أما إذا كان في الأمر سعة، فإن الإنسان يحب الأجر، فالإنسان يعتمر بهم، وكذلك لو فرض أن الحج صار سعة فإنه يحج بهم، والمهم ألا تحج بهم، فتفعل سنة لغيرك على وجهٍ يضر بك، فيمنعك من إتمام النسك. اهـ.
ولا حرج عليك في حمل الطفل أثناء العمرة، ولا يضر كونه لابسًا المخيط، وإنما تُمنعُ أنت من لبسه لا من تحمله، كما لا يضر حمله وهو لابس للحفاظة إذا لم تعلم أن فيها نجاسة.
فإن علمت أن فيها نجاسة، فلا تحملها؛ لأن الطهارة من الخبث شرط في صحة الطواف، في قول جمهور أهل العلم.
جاء في الموسوعة الفقهية: الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثِ، وَالْخَبَثِ:
22- ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ مِنَ الأْحْدَاثِ، وَمِنَ الأْنْجَاسِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ، فَإِذَا طَافَ فَاقِدًا أَحَدَهَا، فَطَوَافُهُ بَاطِلٌ لاَ يُعْتَدُّ بِهِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثِ، وَمِنَ الْخَبَثِ، وَاجِبٌ لِلطَّوَافِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ مِنَ النَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ، سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. اهــ.
ورخص بعض أهل العلم في حمل الطفل، ولو عُلِمَت نجاسة ملابسه، أو حفاظته -ولا شك أن الأحوط عدم حمله حينئذ- فقد سئلت اللجنة الدائمة: في كثير من الأحيان نذهب لأداء العمرة في بيت الله الحرام، وأثناء الطواف أحمل معي ابنتي الصغيرة البالغة من العمر سنة ونصف، وتكون مرتدية حفاظة، وقد سمعت أن الطواف على هذه الحالة لا يجوز، حيث إن الحفاظ يكون قد أصابه البول غالبًا، ونظرًا لصغر سنها، فلا أستطيع أن أتركها في أي مكان، وكذلك في بعض الأحيان تضطر الأم إلى حمل طفلها الرضيع أثناء الصلاة، ويكون أيضًا مرتديًا حفاظة، ومن الممكن أن يكون قد أصابها البول، فنريد أن نعرف من فضيلتكم الحكم في ذلك؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرا.
فأجابت اللجنة بقولها: يجوز للطائف حمل الطفل، ولو كان عليه حفاظة، إذا لم يصب بدن الطائف، وملابسه شيء من النجاسة، وهكذا الصلاة به. اهـ.
وسئل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ أيضًا عن حكم حمل الطفل أثناء الصلاة، أو الطواف، وهو لابس حفاظة وفيها نجاسة، لكنها لم تتعد إلى الملابس الخارجية؟
فأجاب بقوله ـ رحمه الله: النبي صلى بأمامة بنت زينب، وهو يصلي بالناس عليه الصلاة والسلام، فإذا حمل الطفل في الصلاة عند الحاجة، أو في الطواف لا حرج، والطفل قد لا يسلم من خروج شيء منه، فإذا لم يكن شيئًا ظاهرًا، ومحفظ فلا بأس، والحمد لله. اهـ.
والله أعلم.