الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فأما بالنسبة للهدي، فإن أقمت بمكة لأجل العمل، وفي نيتك الرجوع لبلدك يوما ما، فإنه يلزمك هدي التمتع إن حججت متمتعا. وانظر لهذا الفتوى رقم: 306565.
وأما قصر الصلاة، وجمعها في المناسك، فقد اختلف الفقهاء في أهل مكة هل يجوز لهم القصر والجمع في عرفة، ومزدلفة، ومنى أم لا؟ على قولين.
جاء في الموسوعة الفقهية للدرر السنية: هل يقصر المكي في عرفة والمزدلفة؟
اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
القول الأول: لا يقصر المكي، وهذا مذهب الجمهور من الحنفية، والشافعية في الأصح، والحنابلة، وبه قال جمهور السلف، واختاره داود الظاهري ....
القول الثاني: يقصر أهل مكة، وهذا مذهب المالكية، وقولٌ للشافعية، ورواية عن أحمد، وبه قال طائفة من السلف، واختاره أبو الخطاب، وابن تيمية، وابن القيم، والشنقيطي. اهــ.
وجاء فيها أيضا: هل يقصر أهل مكة بمنى؟
اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:
القول الأول: يقصر أهل مكة بمنى، وهذا مذهب المالكية، وهو اختيار ابن تيمية، وابن باز ...
القول الثاني: يتم أهل مكة بمنى، وهذا مذهب الجمهور من الحنفية، والشافعية، والحنابلة، واختاره ابن عثيمين احتياطاً ... اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: فصل: فأما قصر الصلاة: فلا يجوز لأهل مكة, وبهذا قال عطاء, ومجاهد, والزهري, وابن جريج, والثوري, ويحيى القطان, والشافعي, وأصحاب الرأي, وابن المنذر, وقال القاسم بن محمد, وسالم, ومالك, والأوزاعي: لهم القصر؛ لأن لهم الجمع, فكان لهم القصر كغيرهم. ... اهـ.
وما دمت قد فعلت ما يوافق قولا لبعض أهل العلم، فنرجو أنه لا يلزمك شيء، وصلاتك صحيحة.
جاء في البحر الرائق لابن نجيم الحنفي، عن العامي إذا عمل عملًا: ... وَإِنْ لم يَسْتَفْتِ أَحَدًا، وَصَادَفَ الصِّحَّةَ على مَذْهَبٍ مُجْتَهِدٍ أَجْزَأَهُ، وَلَا إعَادَةَ عليه .. اهــ.
وننبه إلى أن الصلاة في منى تكون قصرا من غير جمع، فإذا لم يكن لجمعك مبرر شرعي آخر كمرض، فإنك فعلت ما لم يجز، فإن كان جمعك وقع تقديما كأن صليت العصر تقديما في وقت الظهر، لم تصح صلاة العصر، ويلزمك قضاؤها، وإن وقع تأخيرا كأن صليت الظهر في وقت العصر، فقد وقعت الظهر قضاء لا أداء.
وأيضا بالنسبة للإحرام: إن قدمت مكة من بلدك مصر وأنت ناو للحج أو العمرة، فإنك تحرم من الميقات الذي ستمر به ولو كنت تقيم في مكة، ولا تؤخر الإحرام إلى مكة، وانظر الفتوى رقم: 267763.
والله أعلم.