السؤال
أود أن أسأل عن أحد أصحابي فدائمًا ما نتحدث في الدِّين، ولكني -أنا ومن لم يتفق معه- لسنا مسلمين في نظره، وسوف نكون في نار جهنم، مع العلم أنه دائمًا يترك الصواب، ويتمسك بالخطأ، ويتلفظ أمامنا بلفظ: "لكم دِينكم، ولي دِيني" وإذا حدث شيء في مصر، أو في الحكومة، أو أي خبر كان ضد الحكومة، يصرخ فينا ويقول: أنتم في جهنم؛ لأنكم موالون للكفار، ورئيسكم كافر، وأنتم مغيبون، فماذا نفعل؟ وماذا نقول عن استخدام "لكم دينكم ولي دين"؟ وإذا كان الحاكم مخطئًا، أو الحكومة مخطئة فهل سوف نحاسب عند الله على ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففعل صاحبك هذا جرأة شديدة في مسألة خطيرة، فإن الحكم بالكفر ليس بالأمر الهين، فقد تقرر في الشريعة أن من ثبت إسلامه بيقين، لا يزول إسلامه بالشك، وأن الأصل بقاء ما كان على ما كان.
والحكم بردة شخص لا يوكل إلى عوام الناس، فإنه لا بد فيه من توفر شروط التكفير، وانتفاء موانعه.
ومثل هذه المسائل لا يقوم لها إلا أهل العلم القادرون على تنزيل هذا الحكم الشّرعي على المعيّنين، بمعرفة أصول أهل السنة في هذه المسألة الدقيقة.
وقد سبق لنا بيان ذلك، وبيان ضوابط التكفير، وخطر الكلام فيه، وأن من ثبت إسلامه بيقين، لا يزول إسلامه بالشك، وأنه ليس كل من وقع في الكفر، وقع الكفر عليه، وذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 721، 53835، 266185.
وراجع لمزيد الفائدة عن تكفير المسلمين، بدعوى عدم الكفر بالطاغوت، الفتويين: 99178، 225919.
وبذلك يتبين الخطيئة الكبرى في استعمال قوله تبارك وتعالى: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون: 6] مع أحد من المسلمين، بدعوى أنه كافر، مخالف في الدِّين، وراجع في تفسيرها الفتوى رقم: 287164.
وأما خطأ الحاكم، أو ظلمه، وفساده وإفساده، فلا يتحمله من رعيته إلا من أعانه عليه، أو رضي به، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه يستعمل عليكم أمراء؛ فتعرفون، وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع. رواه مسلم.
قال السيوطي في الديباج: أي: هو المؤاخذ المعاقب. اهـ.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 301594، والفتوى رقم: 283432 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.