السؤال
رجل نوى الاعتكاف لمدة عشرة أيام من رمضان في مسجد قريب من بيته، واستثنى من نية اعتكافه وقت صلاة العشاء، والتراويح، باعتباره مكلفًا بإمامة الناس فيهما في مسجد غير المسجد الذي يعتكف فيه، فما صحة هذا الاعتكاف؟
رجل نوى الاعتكاف لمدة عشرة أيام من رمضان في مسجد قريب من بيته، واستثنى من نية اعتكافه وقت صلاة العشاء، والتراويح، باعتباره مكلفًا بإمامة الناس فيهما في مسجد غير المسجد الذي يعتكف فيه، فما صحة هذا الاعتكاف؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن المعتكف يلزم معتكفه، ولا يخرج منه قبل انتهاء المدة التي نوى اعتكافها، إلا لما لا بد له منه، كقضاء الحاجة، وشراء طعام يحتاجه، ونحو ذلك، فهذا الذي لا يضر، ولا ينقطع به الاعتكاف.
أما خروجه للصلاة في مسجد آخر، أو لأمر له منه بد، فإنه يبطل به الاعتكاف، وانظر الفتويين رقم: 57602، ورقم: 100759. وهذا إذا لم يشترط الخروج.
أما إذا اشترطه، فإن ذلك لا يضر اعتكافه عند كثير من أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: إذا اشترط فعل ذلك ـ يعني عيادة المريض، واتباع الجنازة.. في اعتكافه فَلَهُ فِعْلُهُ، وَاجِبًا كَانَ الِاعْتِكَافُ، أَوْ غَيْرَ وَاجِبٍ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ قُرْبَةً، كَزِيَارَةِ أَهْلِهِ، أَوْ رَجُلٍ صَالِحٍ، أَوْ عَالِمٍ، أَوْ شُهُودِ جِنَازَةٍ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مُبَاحًا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، كَالْعَشَاءِ فِي مَنْزِلِهِ، وَالْمَبِيتِ فِيهِ، فَلَهُ فِعْلُهُ، قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنْ الْمُعْتَكِفِ يَشْتَرِطُ أَنْ يَأْكُلَ فِي أَهْلِهِ؟ قَالَ: إذَا اشْتَرَطَ فَنَعَمْ، قِيلَ لَهُ: وَتُجِيزُ الشَّرْطَ فِي الِاعْتِكَافِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْت لَهُ: فَيَبِيتُ فِي أَهْلِهِ؟ فَقَالَ: إذَا كَانَ تَطَوُّعًا، جَازَ، وَمِمَّنْ أَجَازَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْعَشَاءَ فِي أَهْلِهِ الْحَسَنُ، وَالْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَنَعَ مِنْهُ أَبُو مِجْلَزٍ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ ـ ثم قال.. وَلِأَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَخْتَصُّ بِقَدْرٍ، فَإِذَا شَرَطَ الْخُرُوجَ فَكَأَنَّهُ نَذَرَ الْقَدْرَ الَّذِي أَقَامَهُ.
وعلى هذا؛ فما دام هذا الرجل قد استثنى في بداية اعتكافه الخروج لإمامة الناس في صلاة العشاء والتراويح بمسجد آخر، فإن اعتكافه صحيح، ولا يبطل بالخروج إلى ما استثناه من البداية.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني