السؤال
منذ ألف وأربعمائة سنة قال الله: إن يوم القيامة قريب، فلماذا مرت ألفية ولم تقم القيامة بعد؟ وما هي الحكمة الإلهية في ذلك؟.
منذ ألف وأربعمائة سنة قال الله: إن يوم القيامة قريب، فلماذا مرت ألفية ولم تقم القيامة بعد؟ وما هي الحكمة الإلهية في ذلك؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تواترت النصوص المفيدة لقرب قيام الساعة، كما قال تعالى: يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا {الأحزاب:63}.
وقال تعالى: اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ {الشورى:17}
وقال تعالى: وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب {النحل: 77}.
وقال تعالى: أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة{ 57 ـ 58}.
وقال تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ {القمر:1}.
وقال تعالى: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ {الأنبياء:1}.
وأما عن الحكمة من تأخير قيامها لما يزيد على ألف وأربعمائة سنة: فلم نطلع بعد البحث على كلام فيه لأهل العلم، ولكن تأخرها لهذا الحد لا ينافي قربها المنصوص عليه، فإن الألف سنة في عمر الزمن ليست شيئا، قال الشيح الشنقيطي في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: قوله تعالى: أتى أمر الله ـ أي: قرب وقت إتيان القيامة، وعبر بصيغة الماضي تنزيلا لتحقق الوقوع منزلة الوقوع، واقتراب القيامة المشار إليه هنا بينه جل وعلا في مواضع أخر، كقوله: اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ـ 21 1ـ وقوله جل وعلا : اقتربت الساعة وانشق القمرـ54 ـ وقوله: وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا ـ33 63ـ وقوله: وما يدريك لعل الساعة قريب ـ42ـ17ـ وقوله جل وعلا: أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة ـ53 75 ـ 58ـ إلى غير ذلك من الآيات.... اهـ.
وجاء في لوامع الأنوار البهية للسفاريني: قال تعالى: اقتربت الساعة {القمر: 1} وقال: فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها {محمد: 18} أي أماراتها وعلاماتها واحدها شرط، قال الإمام البغوي: وكان النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة، قال تعالى: وما يدريك لعل الساعة قريب {الشورى: 17} وقال: هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون {الزخرف: 66} والآيات في ذلك كثيرة، وأما الأحاديث فلا تكاد تحصى، فإن قيل كيف يوصف بالاقتراب ما قد مضى قبل وقوعه ألف ومائة ونيف وسبعون عاما؟ فالجواب أن الأجل إذا مضى أكثره وبقي أقله حسن أن يقال فيه اقترب الأجل، ولا ريب أن أجل الدنيا قد مضى أكثره وبقي أقله، ولقرب قيام الساعة عنده تعالى جعلها كغد الذي بعد يومك، فقال: ولتنظر نفس ما قدمت لغد {الحشر: 18} وقال تعالى: إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا {المعارج: 6ـ 7} وروى الترمذي وصححه من حديث أنس مرفوعا: بعثت أنا والساعة كهاتين ـ وأشار بالسبابة والوسطى فأفضل إحداهما على الأخرى، وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قال بإصبعيه هكذا بالوسطى والتي تلي الإبهام: بعثت والساعة كهاتين ـ وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا: إنما أجلكم فيمن مضى قبلكم من الأمم من صلاة العصر إلى مغرب الشمس ـ وفي لفظ: إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس ـ ولما كان أمر الساعة شديدا، وهولها مزيدا، وأمرها بعيدا كان الاهتمام بشأنها أكثر من غيرها، ولهذا أكثر النبي صلى الله عليه وسلم من بيان أشراطها وأماراتها وأخبر عما بين يديها من الفتن البعيدة والقريبة ونبه أمته وحذرهم ليتأهبوا لتلك العقبة الشديدة، ثم اعلم أن وقت مجيء الساعة مما انفرد الله بعلمه وإنما أخفاه تعالى، لأنه أصلح للعباد لئلا يتباطئوا عن التأهب والاستعداد، كما أن إخفاء وقت الموت أصلح لهم وأنفع. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني