السؤال
هل الجنة والنار بمعنى: من سيدخل الجنة، ومن سيدخل النار غيب مطلق، لا يمكن أن يطلع الله بعض عباده عليه؟ أم غيب نسبي من الممكن أن يطلع الله بعض عباده عليه عن طريق الرؤيا والإلهام؟
هل الجنة والنار بمعنى: من سيدخل الجنة، ومن سيدخل النار غيب مطلق، لا يمكن أن يطلع الله بعض عباده عليه؟ أم غيب نسبي من الممكن أن يطلع الله بعض عباده عليه عن طريق الرؤيا والإلهام؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدخول الجنة من الغيب المطلق, ولا يمكن الجزم به لشخص معين إلا بواسطة نص صحيح من الوحي, ولا يمكن للشخص الاطلاع عليه بواسطة رؤيا, أو إلهام؛ فقد جاء في تفسير الإمام ابن كثير:
عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أم العلاء -وهي امرأة من نسائهم- أخبرته -وكانت بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم- قالت: طار لهم في السكنى حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين عثمان بن مظعون. فاشتكى عثمان عندنا، فمرضناه، حتى إذا توفي أدرجناه في أثوابه، فدخل علينا رسول الله، فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب، شهادتي عليك، لقد أكرمك الله. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وما يدريك أن الله أكرمه؟" فقلت: لا أدري بأبي أنت وأمي! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أما هو فقد جاءه اليقين من ربه، وإني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي!" قالت: فقلت: والله لا أزكي أحدًا بعده أبدًا. وأحزنني ذلك، فنمت فرأيت لعثمان عينًا تجري، فجئت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته بذلك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ذاك عمله". فقد انفرد بإخراجه البخاري دون مسلم، وفي لفظ له: "ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به!". وهذا أشبه أن يكون هو المحفوظ، بدليل قولها: "فأحزنني ذلك".
وفي هذا وأمثاله دلالة على أنه لا يقطع لمعين بالجنة إلا الذي نص الشارع على تعيينهم، كالعشرة، وابن سلام، والغميصاء، وبلال، وسراقة، وعبد الله بن عمرو بن حرام -والد جابر-، والقراء السبعين الذين قتلوا ببئر معونة، وزيد بن حارثة، وجعفر، وابن رواحة، وما أشبه هؤلاء. انتهى.
وفي عمدة القاري للعيني -تعليقًا على الحديث السابق-:
فيه: دليل على أنه لا يجزم لأحد بالجنة إلا ما نص عليه الشارع؛ كالعشرة المبشرة، وأمثالهم. انتهى.
وفي العقيدة الطحاوية:
(ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم، ويدخلهم الجنة برحمته، ولا نأمن عليهم، ولا نشهد لهم بالجنة، ونستغفر لمسيئهم، ونخاف عليهم، ولا نقنطهم). انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني