الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة عن سؤالك نود تنبيهك إلى أن ما تسأل عنه أمر نسبي لا يكاد يُتفق عليه في كتاب من كتب الفقه، إذ تجد من يعتبر كتابا ما هو الأخصر والأدق والأشمل... وتجد آخر يرى غير ذلك، وتجد كتابا هو الأشهر في بعض البلدان وآخر كذلك في بلدان أخرى، وهكذا...
ولذا سنجتهد ونقول ما يظهر لنا في هذا الخصوص مستعينين بالله تعالى:
أولا: بالنسبة للفقه الحنفي ، من أفضل المتون المختصرة فيه مختصر القدوري للشيخ العلامة أبي الحسين أحمد بن محمد بن جعفر بن حمدان القدوري، ولد سنة 362 هـ وتوفي سنة 428 هـ.
وقد قال عن هذا الكتاب صاحب تحفة الفقهاء: اعلم أن "المختصر" المنسوب إلى الشيخ أبي الحسين القدوري ـ رحمه الله ـ جامع جملا من الفقه مستعملة، بحيث لا تراها مدى الدهر مهملة: يهدي بها الرائض في أكثر الحوادث والنوازل، ويرتقي بها المرتضى إلى أعلى المراقي والمنازل،
ومن أشهر شروحه وأنفعها الشرح المسمى "اللباب في شرح الكتاب" للشيخ عبد الغني بن طالب بن حمادة الغنيمي المتوفى سنة 1289 هـ
يقول الشيخ محمود أمين النواوي ـ رحمه الله: ولما كان كتاب (القدوري) من أجمع الكتب في فقه أبي حنيفة لما يلزم معرفته من الحلال والحرام وبيان خمسة الأحكام، فيما يلزم من الإسلام. وكان شرحه (اللباب) من أوضح الشراح وأسلسها، وأصحها نقلاً وأدقها، فقد تلقاهما المسلمون على مذهب الإمام أبي حنيفة بالقبول، ومنحوهما أكبر قسط من العناية والتقدير. اهـ
ثانيا: بالنسبة للفقه المالكي: من أشهر المتون الجامعة بين الاختصار والشمولية والاستيعاب لأغلب مسائل المذهب: مختصر خليل بن إسحاق المالكي المتوفى سنة 749 هـ
يقول عنه الحطاب في مقدمة شرحه مواهب الجليل: مُخْتَصَرُ الشَّيْخِ الْعَلَّامَةِ، وَلِيِّ اللَّهِ تَعَالَى، خَلِيلِ بْنِ إِسْحَاقَ الَّذِي أَوْضَحَ بِهِ الْمَسَالِكَ؛ إذْ هُوَ كِتَابٌ صَغُرَ حَجْمُهُ، وَكَثُرَ عِلْمُهُ، وَجَمَعَ فَأَوْعَى، وَفَاقَ أَضْرَابَهُ جِنْسًا وَنَوْعًا، وَاخْتَصَّ بِتَبْيِينِ مَا بِهِ الْفَتْوَى، وَمَا هُوَ الْأَرْجَحُ وَالْأَقْوَى، وَلَمْ تَسْمَحْ قَرِيحَةٌ بِمِثَالِهِ، وَلَمْ يَنْسِجْ نَاسِجٌ عَلَى مِنْوَالِهِ. اهـ.
ومن أشهر شروحه وأكثرها انتشارا بين المعتنين بالفقه المالكي الشرح الكبير للشيخ أحمد الدردير العدوي بحاشية محمد بن عرفة الدسوقي.
وقد قال الدردير في مقدمة شرحه لمختصر خليل: اقتصرت فيه على فتح مغلقه وتقييد مطلقه، وعلى المعتمد من أقوال أهل المذهب؛ بحيث متى اقتصرت على قول كان هو الراجح الذي تجب به الفتوى، وإن اعتمد بعض الشراح خلافه. اهـ
ثالثا: بالنسبة للفقه الشافعي من أشهر المتون الجامعة بين الاختصار والشمولية متن المنهاج للعلامة أبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
ومن أجل شروحه وأنفعها تحفة المحتاج لشرح المنهاج للعلامة أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي المتوفى سنة 973 هـ
رابعا: بالنسبة للفقه الحنبلي: من أفضل المتون في هذا المذهب الجامعة بين الاختصار والاستيعاب متن زاد المستقنع للعلامة موسى بن أحمد الحجاوي، المتوفى سنة 968 هـ.
يقول عنه العلامة العثيمين ـ رحمه الله ـ: كتاب قليل الألفاظ, كثير المعاني, اختصره من "المقنع", واقتصر فيه على قولٍ واحدٍ, وهو الراجح من مذهب الإمام أحمد بن حنبل, ولم يخرُج فيه عن المشهور من المذهب عند المتأخرين إلا قليلاً، وقد شُغِفَ به المبتدئون من طلاب العلم على مذهب الحنابلة, وحَفِظَهُ كثير منهم عن ظهر قلب. اهـ
ومن أنفع شروح هذا الكتاب وأشملها الشرح المسمى "الشرح الممتع على زاد المستقنع" للشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين المتوفى 1421 هـ ، وهو كتاب جليل نافع واضح العبارة قريب المأخذ سهل الأسلوب، يُعنى بالترجيح وبذكر الدليل والتعليل.
ولمعرفة بعض أهم الكتب المعتمدة في المذاهب الأربعة، راجع الفتاوى التالية أرقامها: 280708 - 280705 - 279946 - 279301.
والله أعلم.