السؤال
ما الفرق بين الإنكار في المجلس وعند مشاهدة عقائد دينية أخرى، وهل يكفر فيها؟
إذا كان الشخص يشاهد على قناة مشهدا مثل: أن يكون شخص عبدا لغير الله, أو استهزاء, أو عقائد غير دين الإسلام، ومشاهد كفر, فهل يكفر الشخص بمجرد النظر إليها أم لا؟
وإن كان جوابك: لا يكفر مع الإنكار في القلب بعدم الرضا, فلماذا يفترق حكم الإنكار في المجلس, وإذا لم يفارق المجلس يكفر؟ وماذا عن الذي ينكر في قلبه, ولم يفارق المجلس هل يكفر؟ وإذا انقطع المنكر انقطع, فهل يجلس سواء كان يقدر أم لا يقدر على الإنكار في المجلس, ويكتفي بالإنكار بالقلب؟ وماذا إذا كان المنكر متواصلا، فهل ينكر بقلبه ويفارقهم أم ينكر بلسانه أو بيده إن كان قادرا, ويجلس معهم؟
بالله عليكم أجيبوني، فأنا في حيرة من هذا السؤال.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال فيه تكرار، وفيه تعقيد في الصياغة، ولم يخل من تضارب؛ فالسائل يقول: فلماذا يفترق حكم الإنكار في المجلس وإذا لم يفارق المجلس يكفر؟ كأنه يقرر أن الشخص يكفر بعدم المفارقة، ثم بعدها مباشرة يقول: وماذا عن الذي ينكر في قلبه ولم يفارق المجلس هل يكفر؟
وعلى أية حال؛ فقد سبق أن بينا أن مجرد مشاهدة الأفلام التي تحتوي على الكفر مع إنكار ما فيها بالقلب، وعدم الرضا به، لا تبلغ حد الكفر، وإن كانت ذنبا ومعصية محرمة، ونقلنا ما يدل لذلك من كلام المفسرين عند هذه الآية، وذلك في الفتوى رقم: 131228, والفتوى رقم: 161043, فراجعهما.
وأما عند حضورها في المجلس الذي تفعل فيه: فيجب الإنكار بحسب الطاقة مع بغض الكفر, وعدم الرضا به، ولا يكفي الإنكار القلبي إلا إذا عجز العبد المسلم عن الإنكار بيده ولسانه، ثم إنه تجب عليه مفارقة مكان وجود الكفر ما أمكنه ذلك، ولا يكتفي بالإنكار القلبي فقط، وإلا فإنه يأثم بذلك، لكنه لا يكفر ما دام كارها للكفر بقلبه ولو استمر جالسا، كما بينا في الفتويين رقم: 182039، ورقم: 199175، وما أحيل عليه فيهما.
وأما عن الجلوس مع الإنكار عليهم باللسان وبيان الحكم الشرعي لهم: فهو جائز حتى ولو لم يقبلوا النصح، فإن الله تعالى لما قال: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {الأنعام:68}, قال بعدها: وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {الأنعام:69}.
قال السعدي: هذا النهي والتحريم لمن جلس معهم ولم يستعمل تقوى الله بأن كان يشاركهم في القول والعمل المحرم، أو يسكت عنهم وعن الإنكار، فإن استعمل تقوى الله تعالى بأن كان يأمرهم بالخير, وينهاهم عن الشر, والكلام الذي يصدر منهم، فيترتب على ذلك: زوال الشر، أو تخفيفه، فهذا ليس عليه حرج ولا إثم، ولهذا قال: وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ـ أي: ولكن ليذكرهم، ويعظهم لعلهم يتقون الله تعالى. اهـ.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 68401، 135734، 191387.
والله أعلم.