السؤال
في ظل تفشي ظاهرة التحرش الجماعي في مصر، بدأ بعض الشباب يطالبون ب "خصاء" المتحرشين.
وقد قرأت في إحدى فتاوى الموقع، أن عقوبة التحرش شرعا التعزير، حسب رؤية الإمام.
فهل يحق للإمام أن يحكم بالخصاء كنوع من أنواع التعزير في مثل هذه الحالات؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان أن عقوبة هذا الفعل هي التعزير، وأن الإمام هو الذي يقدره؛ وراجع الفتوى رقم: 211669.
كما سبق لنا ذكر اختلاف أهل العلم في مقدار التعزير، فراجع في ذلك الفتوى رقم: 211246.
وقد ذكر أهل العلم أنواع التعزير البدني: بالقتل، وبالجلد، وبالحبس، وبالنفي (التغريب). ولم يذكر أحد منهم ـ في ما اطلعنا عليه ـ التعزير بالخصاء! ولا نراه سائغا؛ لورود النهي عنه.
جاء في (الموسوعة الفقهية): إن خصاء الآدمي حرام صغيرا كان، أو كبيرا؛ لورود النهي عنه على ما يأتي. وقال ابن حجر: هو نهي تحريم بلا خلاف في بني آدم ... اهـ.
وكذلك لمجافاته للحكمة التي شرعت العقوبات الشرعية من أجلها.
قال ابن القيم في (إعلام الموقعين): كان من بعض حكمته سبحانه، ورحمته أن شرع العقوبات في الجنايات الواقعة بين الناس بعضهم على بعض، في الرؤوس، والأبدان، والأعراض، والأموال، كالقتل، والجراح، والقذف، والسرقة؛ فأحكم سبحانه وجوه الزجر الرادعة عن هذه الجنايات غاية الإحكام، وشرعها على أكمل الوجوه المتضمنة لمصلحة الردع والزجر، مع عدم المجاوزة لما يستحقه الجاني من الردع؛ فلم يشرع في الكذب قطع اللسان، ولا القتل، ولا في الزنا الخصاء، ولا في السرقة إعدام النفس. اهـ.
وجاء في كتب الحنفية في بيان عقوبة اللواط، ما نقله ابن نجيم في (البحر الرائق) وابن عابدين في حاشيته عن كتاب (الحاوي القدسي) وعبارته: وتكلموا في هذا التعزير من الجلد، ورميه من أعلى موضع، وحبسه في أنتن بقعة، وغير ذلك، سوى الإخصاء، والجب. والجلد أصح. اهـ.
والله أعلم.