السؤال
هل يصح في بعض كتب السنة أن يتم تفضيل أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ على الأنبياء عدا الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وما صحة حديث: أفضل الناس بعد الرسول أبو بكر وعمر؟ وما هي آراء المذاهب الأربعة في فضل الأنبياء على الصحابة؟
هل يصح في بعض كتب السنة أن يتم تفضيل أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ على الأنبياء عدا الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وما صحة حديث: أفضل الناس بعد الرسول أبو بكر وعمر؟ وما هي آراء المذاهب الأربعة في فضل الأنبياء على الصحابة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في كتب أهل السنة شيء من ذلك، وإنما يأتي نحوه في كتب المبتدعة على اختلاف أنواعهم، فمنهم من يفضل إمامه، أو أئمته على الأنبياء والرسل، ومنهم من يفضل الأولياء عليهم!
وأما أهل السنة: فمتفقون على أن الأنبياء هم أفضل البشر، ليس في ذلك شك، ولا خلاف، ولا نحتاج لذكر خصوص مذاهب الأئمة الأربعة، ولا غيرهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من قال: إن الأولياء أفضل من جميع الخلق، فقوله أظهر عند جميع أهل الملل من أن يشك في كذبه، بل هو معلوم بالضرورة أنه باطل، فإن الرسل أفضل الأنبياء، وأولوا العزم، كنوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أفضل من سائر المسلمين، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم، وليس يحتاج هذا أن يثبت بحديث، ولا أثر، فقد رتب الله سبحانه خلقه، فقال: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ ـ فرتبهم على أربع طبقات. اهـ.
وقال أيضًا: الأنبياء أفضل من الأولياء، وخيار الأولياء أتبعهم للأنبياء، كما كان أبو بكر أفضل من طلعت عليه الشمس بعد النبيين والمرسلين. اهـ.
وقال أيضًا: اتفق سلف الأمة، وأئمتها، وسائر أولياء الله تعالى على أن الأنبياء أفضل من الأولياء الذين ليسوا بأنبياء، وقد رتب الله عباده السعداء المنعم عليهم أربع مراتب، فقال تعالى: ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ـ وفي الحديث: ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر. اهـ.
وقال أيضًا: الأنبياء أفضل الخلق باتفاق المسلمين، وبعدهم الصديقون، والشهداء، والصالحون. اهـ.
وقال: الذي عليه سلف الأمة، كالصحابة، والتابعين لهم بإحسان، وأئمة الدين، وجماهير المسلمين أن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر، وليس بعد الأنبياء أفضل منهما. اهـ.
وقال الدكتور محمد الشظيفي في أطروحته للدكتوراه: مباحث المفاضلة في العقيدة ـ الأنبياء هم أفضل البشر على الإطلاق، هذه هي دلالة الكتاب، والسنة، والإجماع، والنظر الصحيح ـ ثم فصل ذلك: وأما ورد من الآثار بتفضيل أبي بكر وعمر على سائر الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما روى البخاري عن محمد بن الحنفية قال: قلت لأبي ـ يعني علي بن أبي طالب: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر ـ فهذا معناه ناس هذه الأمة التي هي خير الأمم، وبالتالي فهي خيرية في ما عدا الأنبياء والرسل، وقد جاء هذا الاستثناء مصرحًا به في بعض الآثار، ومنها الحديث الذي سبق ذكره في كلام شيخ الإسلام: ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر ـ ومنها ما رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، إلا النبيين والمرسلين.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني