السؤال
أذكر قبل خمسة عشر سنة تقريبًا، أني كنت أدرس في المتوسطة، في مرحلة المراهقة، والطيش. وكانت عندنا في المدرسة امرأة تلقي محاضرة، فسألت المحاضرة: هل أحد يضمن أنه سيعيش إلى غد؟ فأختكم السائلة قالت: أنا، طبعًا بصوت لا يسمعه إلا التي بجنبي، والحمد لله لم يتجاوب معي أحد، أو يعلق على كلامي بضحك، أو غيره، وأنا الآن خائفة هل بتصرفي هذا كفرت؟ وهل طاعتي لله منذ ذاك الوقت، وحجي الفرض، كل ذلك غير معتبر؟ وماذا يلزمني، مع العلم أنها المرة الأولى والأخيرة التي بدر مني فيها هذا الشيء - جزاكم الله خيرا -؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فننبه الأخت السائلة إلى خطورة آفات اللسان؛ قال الله عز وجل: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ {ق:18}، وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالًا، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا، يهوي بها في جهنم.
وبخصوص ما بدر منك، فإذا كنت قلت ذلك على جهة الخطأ دون قصد منك لحقيقة اللفظ، فلا شيء عليك.
أما إذا كنت قلت ذلك على جهة الهزل - وهو الظاهر - فهذا يخشى أن يكون كفرًا؛ لأنه لا يخفى أنه لا يعلم الغيب إلا الله، وأنه لا تدري نفس ماذا تكسب غدًا، والهزل في ذلك لا يمنع من كفر صاحبه.
ففي البحر الرائق لابن نجيم الحنفي: من تكلم بكلمة الكفر هازلًا، أو لاعبًا، كفر عند الكل، ولا اعتبار باعتقاده، كما صرح به قاضي خان في فتاواه، ومن تكلم بها مخطئًا، أو مكرهًا، لا يكفر عند الكل، ومن تكلم بها عالمًا، عامدًا، كفر عند الكل. انتهـى.
وعلى هذا فتجب التوبة منه، فإذا تبت وندمت على ذلك، فنرجو لك المغفرة من الله تعالى. وانظري الفتوى رقم: 5450.
وأما حجك، وسائر طاعاتك فهي بحالها.
وعلى تقدير وقوع الكفر، فالراجح أن الأعمال لا تحبط بمجرد الردة، وإنما بالموت عليها، فإن ارتد شخص ثم تاب، فإن أعماله السابقة باقية على حالها، وانظري الفتوى رقم: 37185.
والله أعلم.