السؤال
اعتمرت وأنا صغيرة قبل الحيض، ولكن دون حجاب، واعتمرت مرة أخرى، وانتقض وضوئي، ومرةً اعتمرت إلا أنني أثناء العمرة أتاني الشيطان، ولمست رجلاً بكتفي، وواللهِ إني لم أرد ذلك، حتى إني في اليوم الثاني بعد العمرة عصيتُ ربي، فماذا أفعل بعمراتي، وأنا لا أستطيع التكفير عنها؟ وإذا لم أكفر عنها ومت فهل سيغفرها لي ربي، مع وجود النية بذلك؟ مع العلم أنني اعتمرت مرتين بعد هذه العمرات، لكن العمرة قبل الأخيرة شككت في عدد الطواف بسبب الزحمة الشديدة، أما العمرة الأخيرة فالحمد لله كانت كاملة - بإذن الله - فأفتوني مأجورين: كيف أكفر عن عمراتي السابقة؟ وهل عمرتي الصحيحة تكفر عنها؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما اعتمارك دون حجاب، وأنت صغيرة؛ فلا بأس به، لا سيما إذا كنت دون العشر، وراجعي الفتوى رقم: 39008. ولا يتعلق صحة العمرة بالحجاب، وإن كانت البالغة تأثم بالتبرج.
وأما العمرة التي انتقض فيها وضوؤك؛ فإن كان المقصود انتقاضه في الطواف، فطفت وأنت محدثة، فعليك التوبة، وشاة تُذبح، كما بينا في الفتوى رقم: 176417، وتوابعها، فراجعيها.
وأما إن انتقض الوضوء بعد الطواف، وسعيت بلا طهارة؛ فلا شئ عليكِ؛ فقد بينا في الفتوى رقم: 128217 أن الطهارة ليست شرطًا في صحة السعي.
وأما مسك الرجل بكتفك بلا قصد؛ فلا شيء عليك، ولا ينتقض وضوؤك، كما بينا في الفتوى رقم: 41160، ولكن عليك فيما بعد أن لا تزاحمي الرجال، وأن تطوفي بعيدة عنهم، فالمسلمة لا بد أن تلتزم الستر، والتصون، وعدم مخالطة الرجال إلا بقدر الحاجة.
وأما المعصية بعد العمرة، وكذلك كل تقصير، فيلزم منه التوبة، وقد سبق بيان شروط التوبة المقبولة في الفتوى رقم: 5450.
ونرجو أن تكون عمراتك الصحيحة كفارة لما بينها، بل كفارة لسائر الذنوب؛ ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما. متفق عليه، وروى أحمد، والترمذي، وابن حبان عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر، والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد، والذهب، والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب دون الجنة.
وأما كونك شككت في عدد الطواف؛ فإن كان الشك بعد الطواف فلا عبرة به، وعمرتك صحيحة، وأما إن كان الشك أثناء الطواف، ولم تبني على اليقين - الأقل - فقد بينا ما يجب فعله في الفتوى رقم: 186747.
وما لزمك من كفارات، فيمكنك إرساله إلى الحرم، وإن لم تذهبي بنفسك، فإن عجزت عنها الآن فهي باقية في ذمتك؛ لأنها حق مالي وجب عليك، فيلزمك إذا أيسرت، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 148991.
وراجعي الفتوى رقم: 240445، حول كون الكفارة على الفور أم على التراخي.
والله أعلم.