السؤال
عندما كان الصحابة مع الرسول في حجة الوداع، وقبل أن يحولوا النسك إلى تمتع هل كانوا مقرنين؛ لأنهم قالوا: أهللنا بما أهل به رسول الله. هل كانوا مقرنين؟
عندما كان الصحابة مع الرسول في حجة الوداع، وقبل أن يحولوا النسك إلى تمتع هل كانوا مقرنين؛ لأنهم قالوا: أهللنا بما أهل به رسول الله. هل كانوا مقرنين؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد تعددت الروايات فيما أهل به الصحابة -رضي الله عنهم- فورد أن منهم من أحرم بعمرة، ومنهم من أحرم بحج، ومنهم من كان قارنا أي أحرم بحج وعمرة, وقد جاء هذا فيما رواه الشيخان من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ ... الحديث.
وورد أنهم أحرموا بالحج وحده لا يخلطون به غيره، كما في حديث جابر -رضي الله عنه- قال: أَهْلَلْنَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ خَالِصًا وَحْدَهُ ... الحديث متفق عليه واللفظ لمسلم, وفي رواية للبخاري: مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ لَا يَخْلِطُهُمْ شَيْءٌ. وكما في حديث عائشة: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ.
وقد جمع أهل العلم بين هذه الروايات بأنهم لما خرجوا أولا كانوا لا يعرفون إلا الحج، ولم يكونوا يعلمون مشروعية العمرة في أشهر الحج، ثم بين لهم النبي صلى الله عليه وسلم مشروعيتها.
قال الزرقاني في شرح الموطأ عن قول عائشة: " لا نرى إلا الحج ": فَظَاهِرُهُ أَنَّ عَائِشَةَ مَعَ غَيْرِهَا مِنَ الصَّحَابَةِ كَانُوا مُحْرِمِينَ بِالْحَجِّ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا ذَكَرَتْ مَا كَانُوا يَعْهَدُونَهُ مِنْ تَرْكِ الِاعْتِمَارِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَخَرَجُوا لَا يَعْرِفُونَ إِلَّا الْحَجَّ، ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَ الْإِحْرَامِ، وَجَوَّزَ لَهُمُ الِاعْتِمَارَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. اهــ.
وما ذكرته الأخت السائلة من أنهم أهلوا بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم، أي إحراما معلقا على ما أحرم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من دون علم به، فهذا ورد عن علي وأبي موسى -رضي الله عنهما- وليس عن كل الصحابة؛ ففي البخاري من حديث أنس: قَدِمَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْيَمَنِ فَقَالَ: بِمَ أَهْلَلْتَ؟ قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اهــ.
والله تعالى أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني