السؤال
أريد سؤالكم عن الأضحية: أنا شيخ كبير في السن ولدي ستة أولاد، وبنتان متزوجتان كل واحدة لها عائلة، أما الأولاد فلدي أربعة متزوجون ولهم عائلاتهم واثنان معي في البيت لم يتزوجا، وزوجتي على قيد الحياة، وأريد أن أضحي ببقرة، والسؤال هو: كيف أضحي بها وعن كم عائلة يضحى بالبقرة؟ وهل يجوز أن أضحي بها عن كل أولادي وبناتي وعائلتي الذين ذكرتهم؟ أرجو الإجابة في أسرع وقت ممكن.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاشتراك في الأضحية على ضربين:
الأول: الاشتراك في ثمن الأضحية وملكها، وهنا لا يصح الاشتراك إلا في الأضحية بالبدنة أو البقر، فإنها تجزئ عن سبعة أشخاص وعن أهل بيوتهم، قال ابن هبيرة: واتفقوا على أنه تجزئ البدنة عن سبعة، وكذلك البقرة، والشاة خاصة عن واحد إلا مالكا فإنه قال: البدنة والبقرة كالشاة لا تجزئ إلا عن واحد، إلا أن يكون رب البيت يشرك فيها أهل بيته في الأجر، فإنه يجوز. اهـ. من اختلاف الأئمة العلماء.
وفي تحفة المحتاج: ويجزئ البعير والبقرة الذكر والأنثى منهما ـ أي كل منهما ـ عن سبعة من البيوت. اهـ.
وفي كشاف القناع: وتجزئ كل من البدنة والبقرة عن سبعة، روي ذلك عن علي وابن مسعود وابن عباس وعائشة، لحديث جابر قال: نحرنا بالحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة ـ وفي لفظ: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بدنة ـ رواهما مسلم، فأقل أي: وتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة بطريق الأولى، قال الزركشي: الاعتبار أي: في إجزاء البدنة أو البقرة عن سبعة فأقل أن يشترك الجميع أي: في البدنة أو البقرة دفعة، فلو اشترك ثلاثة في بدنة أو بقرة أضحية وقالوا: من جاء يريد أضحية شاركناه فجاء قوم فشاركوهم لم تجز البدنة أو البقرة إلا عن الثلاثة، قاله الشيرازي ـ والمراد: إذا أوجبوها أي: الثلاثة على أنفسهم، نص عليه، لأنهم إذا لم يوجبوها فلا مانع من الاشتراك قبل الذبح، لعدم التعيين. اهـ.
فالأضحية بالبقرة يصح أن تشترك في ملكيتها أنت، وأبناؤك الستة الذي لا يقيمون معك، وزوجتك وأولادك الذين يقيمون معك نصيبك من الأضحية بالبقرة يجزئ عنهم، كذلك نصيب كل واحد من أولادك يجزئ عنه وعن أهل بيته.
الضرب الثاني من أضرب الاشتراك: هو الاشتراك في ثواب الأضحية، فيجوز للشخص المضحي أن يُشرك في ثواب أضحيته من شاء، قال ابن عثمين: فأما اشتراك عدد في واحدة من الغنم أو في سبع بعير أو بقرة، فعلى وجهين:
الوجه الأول: الاشتراك في الثواب، بأن يكون مالك الأضحية واحدا ويشرك معه غيره من المسلمين في ثوابها، فهذا جائز مهما كثر الأشخاص، فإن فضل الله واسع، وفي صحيح مسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ في قصة أضحيته بكبش قال لها: يا عائشة، هلمي المدية ـ يعني السكين ـ ثم قال: اشحذيها بحجر، ففعلت، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال: بسم الله، اللهم تقبل من محمد ومن آل محمد ومن أمة محمد ـ ثم ضحى به، وفي مسند الإمام أحمد من حديث عائشة وأبي رافع ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين: أحدهما عنه وعن آله، والآخر عن أمته جميعا، ومن حديث جابر وأبي سعيد ـ رضي الله عنهما ـ يضحي بكبش عنه وعمن لم يضح من أمته ـ وعن أبي أيوب الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ قال: كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون، رواه ابن ماجه والترمذي وصححه، فإذا ضحى الرجل بالشاة عنه وعن أهل بيته أو من شاء من المسلمين صح ذلك، وإذا ضحى بسبع البعير أو البقرة عنه وعن أهل بيته أو من شاء من المسلمين صح ذلك، لما سبق من أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل السبع منهما قائما مقام الشاة في الهدي، فكذلك في الأضحية، ولا فرق.
الوجه الثاني: الاشتراك في الملك، بأن يشترك شخصان فأكثر في ملك أضحية ويضحيا بها، فهذا لا يجوز، ولا يصح أضحية إلا في الإبل والبقر إلى سبعة فقط، وذلك لأن الأضحية عبادة وقربة إلى الله تعالى، فلا يجوز إيقاعها ولا التعبد بها إلا على الوجه المشروع زمناً وعدداً وكيفية، ولو كان التشريك في الملك جائزا في الأضحية بغير الإبل والبقر لفعله الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ لقوة المقتضي لفعله فيهم، فإنهم كانوا أحرص الناس على الخير، وفيهم فقراء كثيرون قد لا يستطيعون ثمن الأضحية كاملة، ولو فعلوه لنقل عنهم، لأنه مما تتوفر الدواعي على نقله لحاجة الأمة إليه. اهـ. باختصار.
وانظر لمزيد للفائدة والتفصيل الفتاوى التالية أرقامها: 105957، 143953، 190473.
والله أعلم.