السؤال
انتشر في الآونة الأخيرة وخاصة عن طريق شبكة التواصل المعروفة بالواتساب حملة تحت مسمى: ليس كل ما في الصحيحين بالصحيح ـ
وتطعن هذه الحملة في صحة عدد من الأحاديث الموجودة في صحيحي البخاري ومسلم في بحث لها على الشبكة العنكبوتية، فما هو ردكم على مثل هذه الحملة؟ وهناك من يريد الرد عليهم برسالة ينشرها على الواتساب تحذر منهم ومن ادعاءاتهم ويريد أيضا أن يرفق هذه الرسالة بنص بحثهم بدعوى التحذير منه، ولكنني أرى فكرة إرفاق البحث في الرسالة التحذيرية غير صائبة، لأنها تروج له، والأفضل أن نكتفي بالتحذير فقط منهم، كما يخشى من ذلك تأثر عامة الناس الذين يفتقدون للعلم الشرعي، لذلك نرجو تصويتكم لنا بما فيه الخير والصواب والهداية للأمة الإسلامية، وجزاكم الله عنا كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صحيحي البخاري ومسلم هما أصح الكتب المؤلفة في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، قال الإمام النووي: اتفق العلماء على أن أصح الكتب بعد القرآن الكريم: الصحيحان ـ صحيح البخاري، وصحيح مسلم ـ وتلقتهما الأمة بالقبول. اهـ.
وعامة أحاديث هذين الكتابين المباركين قد اتفقت الأمة على صحتها وقبولها، وإجماع الأمة حجة قاطعة، قال ابن تيمية: ومن الصحيح ما تلقاه بالقبول والتصديق أهل العلم بالحديث كجمهور أحاديث البخاري ومسلم، فإن جميع أهل العلم بالحديث يجزمون بصحة جمهور أحاديث الكتابين، وسائر الناس تبع لهم في معرفة الحديث، فإجماع أهل العلم بالحديث على أن هذا الخبر صدق كإجماع الفقهاء على أن هذا الفعل حلال أو حرام أو واجب، وإذا أجمع أهل العلم على شيء فسائر الأمة تبع لهم، فإجماعهم معصوم لا يجوز أن يجمعوا على خطأ... وأما ما اتفق العلماء على صحته فهو مثل ما اتفق عليه العلماء في الأحكام، وهذا لا يكون إلا صدقا، وجمهور متون الصحيح من هذا الضرب، وعامة هذه المتون تكون مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم من عدة وجوه رواها هذا الصاحب، وهذا الصاحب من غير أن يتواطآ، ومثل هذا يوجب العلم القطعي. اهـ.
ويوجد في الصحيحين أحاديث يسيرة جدا انتقدها بعض الأئمة الحفاظ، مخالفين بذلك للبخاري ومسلم، وهذه الأحاديث اليسيرة قد بين كثير من الحفاظ أن الصواب مع الشيخين في تصحيحها لا مع المنتقد. وعلى كل تقدير، فوجودها لا ينقص من مرتبة الصحيحين، ولا يغض من منزلتهما، وانظري لمزيد الفائدة في هذا الباب الفتاوى التالية أرقامها: 13678، 43428، 35370، 122155، 199637.
وليعلم أن كثيرا ممن يطعن في الصحيحين بحجة وجود أحاديث ضعيفة فيهما مرادهم بذلك هو التشكيك في ثبوت السنة النبوية جملة ، لصرف المسلمين عن السنة، وليتسنى لهم نشر أهوائهم وبدعهم التي جاءت السنة الصحيحة بردها وبطلانها.
والأولى عدم نشر مثل هذه البحوث التي تطعن في الصحيحين، ولو للتحذير منها، فإن في نشرها إحياء لها. والذي ينبغي إماتة هذه البحوث والحملات بالإغضاء عنها وعدم بثها بين الناس، والأنفع هو العناية بنشر الفتاوى والمقالات والبحوث التي تبين مكانة الصحيحن ومنزلتهما وصحة أحاديثهما، ولا حاجة لذكر البحوث والحملات الطاعنة في الصحيحين، لئلا يكون في ذلك ترويج لها.
والله أعلم.