السؤال
هل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الزواج من المرأة الكثيرة الشكوى؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على حديث في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الزواج بالمرأة التي تكثر الشكاية.
ومن حيث العموم فإن شكوى المرأة يختلف باختلاف الحال؛ فتذم الشكوى إن كانت دالة على عدم الصبر على قلة العيش, وزوجها لا يجد ما يوسع به عليها، وأما إن كانت الشكوى لشح في زوجها، أو غيرها من الأسباب التي تعد ظلمًا من الزوج لزوجته، فإنها لا تلام على شكواها.
ودليل الحال الأولى ما رواه البخاري في صحيحه من قصة إبراهيم لما زار ابنه إسماعيل -عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم- فقد: جَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ: نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ, فَشَكَتْ إِلَيْهِ, قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ, فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا فَقَالَ: هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ, قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ, قَالَ: ذَاكِ أَبِي، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ, فَطَلَّقَهَا، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى.
ودليل الحال الثانية ما رواه البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها -: أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله, إن أبا سفيان رجل شحيح, وليس يعطيني ما يكفيني وولدي, إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
مع ملاحظة أنه إذا لم تُلَم المرأة على الشكاية لم تكن محلًا للنهي عن الزواج منها.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني