السؤال
تشاركت مع صديقة لي - تعرفت إليها من حوالي سنتين - في مشروع حضانة، لكن المشروع لم يتم بسبب تراجعها بعد أن صرفنا أموالًا، واكترينا المنزل، وبعد أخذٍ ورد انتهينا إلى بيع كل ما اشترينا، والخلاصة أنه في خضم كل هذا وقعت مشادات كلامية بيننا، ثم تصالحنا قبل العيد الفائت بمبادرة منها، لكن ما لبثنا أن تشاحنا وساد الغضب - والعياذ بالله - حتى أني مرضت نفسيًا, وتألمت لما وصلنا إليه, ولأني لا أستطيع التعامل مع هذه الإنسانة مرةً أخرى كما كنت, ولا أستطيع نفاقها, ولا نفاق نفسي، قررت أن أضع حدًّا لهذه الصداقة, مع الإبقاء على تهاني العيد ورمضان, وما إلى ذلك, فواللهِ إنه قد وقع في قلبي ما لا أطيق.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الشرع عن التدابر والهجران، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا, ولا تحاسدوا, ولا تدابروا, وكونوا عباد الله إخوانًا, ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. صحيح مسلم.
مع التنبيه إلى أن الجمهور لا يشترطون لزوال التهاجر الرجوع إلى الحال الأول قبل التهاجر، وإنما يزول التهاجر بمجرد السلام، قال ابن حجر في فتح الباري: قال أكثر العلماء: تزول الهجرة بمجرد السلام وردّه، وقال أحمد: لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولًا, وقال أيضًا: ترك الكلام إن كان يؤذيه لم تنقطع الهجرة بالسلام, وكذا قال ابن القاسم.
وإذا كانت مخالطتك لهذه المرأة تضر بدينك أو دنياك فلا حرج عليك في هجرها، قال ابن عبد البر - رحمه الله - في التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد: وأجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث, إلا أن يكون يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه, أو يولد به على نفسه مضرة في دينه أو دنياه, فإن كان ذلك فقد رخص له في مجانبته وبعده, ورب صرم جميل خير من مخالطة مؤذية.
اما إذا لم يكن عليك ضرر في مخالطتها, فالأولى أن تحسني صحبتها - ولو مجاملة وتكلفًا - وليس ذلك من النفاق, بل هو من حسن الخلق، وراجعي في ذلك الفتويين: 75660، 26817.
والله أعلم.