السؤال
المذهب الفقهي المعمول به عندنا الشافعي، وهو لا يجيز في الأضحية من الضأن إلا ما تم له سنة كاملة، وكذلك يمنع ما قطع من أذنه شيء ولو يسيرا. وأنا أعرف أن هذه الأمور من المسائل المختلف فيها، وأنا متحير في موقفي من هذا الخلاف فما رأيكم ونصيحتكم لي؟
وجزاكم الله خيرا!
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: قد اتفق الشافعية مع بقية المذاهب في أنه لا تجزئ الأضحية بما دون الجذع من الضأن , إلا أن الفقهاء اختلفوا في تحديد سن الجذعة على أقوال , جاء في الموسوعة الفقهية :
( الشَّرْطُ الثَّانِي ) : أَنْ تَبْلُغَ سِنَّ التَّضْحِيَةِ ، بِأَنْ تَكُونَ ثَنِيَّةً أَوْ فَوْقَ الثَّنِيَّةِ مِنَ الإْبِل وَالْبَقَرِ وَالْمَعْزِ ، وَجَذَعَةً أَوْ فَوْقَ الْجَذَعَةِ مِنْ الضَّأْنِ ، فَلاَ تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِمَا دُونَ الثَّنِيَّةِ مِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ ، وَلاَ بِمَا دُونَ الْجَذَعَةِ مِنَ الضَّأْنِ ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً ، إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ , وَالْمُسِنَّةُ مِنْ كُل الأْنْعَامِ هِيَ الثَّنِيَّةُ فَمَا فَوْقَهَا . حَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ أَهْل اللُّغَةِ , وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نِعْمَتِ الأْضْحِيَّةُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ , وَهَذَا الشَّرْطُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ ، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الثَّنِيَّةِ وَالْجَذَعَةِ . فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ مَا أَتَمَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ، وَقِيل : مَا أَتَمَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَشَيْئًا . وَأَيًّا مَا كَانَ فَلاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَظِيمًا بِحَيْثُ لَوْ خُلِطَ بِالثَّنَايَا لاَشْتَبَهَ عَلَى النَّاظِرِينَ مِنْ بَعِيدٍ ....وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ مَا بَلَغَ سَنَةً قَمَرِيَّةً وَدَخَل فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ مُجَرَّدَ دُخُولٍ.... وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْجَذَعَ مَا بَلَغَ سَنَةً ، وَقَالُوا : لَوْ أَجْذَعَ بِأَنْ أَسْقَطَ مُقَدَّمَ أَسْنَانِهِ قَبْل السَّنَةِ وَبَعْدَ تَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَكْفِي ...
فأنت ترى أخي السائل بأن تفسير الجذع بما أتم سنة هو مذهب الشافعية والمالكية، ورأينا هو أن تخرج من الخلاف ما استطعت إلى ذلك سبيلا، فتذبح ما أتم سنة وتكون محسنا عند الجميع , وقد استحب الفقهاء الخروج من الخلاف.
وكذلك في مسألة مقطوعة الأذن قد اتفقوا على عدم إجزاء مقطوعة الأذن في الأضحيّة والهدي ، واختلفوا فيما لو تعيّبت أذنها وقطع شيء منها ، فعند أبي حنيفة لا يضر ذهاب ما دون ثلث الأذن، وقال المالكيّة لا يضرّ ذهاب ثلث الأذن أو أقلّ , وقال الشّافعيّة يضرّ ذهاب بعض الأذن مطلقاً, ولا يضر شق أذن ولا خرقها بشرط أن لا يسقط من الأذن شيء. جاء في تحفة الحبيب على شرح الخطيب: ( ولا يجزئ مقطوع ) بعض ( الأذن ) وإن كان يسيرا لذهاب جزء مأكول . وقال أبو حنيفة : إن كان المقطوع دون الثلث أجزأ , وأفهم كلام المصنف منع كل الأذن بطريق الأولى ومنع المخلوقة بلا أذن وهو ما اقتصر عليه الرافعي... إلى أن قال: وبحث بعضهم أن شلل الأذن كفقدها , وهو ظاهر إن خرج عن كونه مأكولا , ولا يضر شق أذن ولا خرقها بشرط أن لا يسقط من الأذن شيء بذلك كما علم مما مر لأنه لا ينقص بذلك شيء من لحمها... اهـ
وقال الحنابلة : يضرّ ذهاب أكثر الأذن , والأفضل لك أن تذبح سليمة لتخرج من الخلاف. وانظر الفتوى رقم: 162707 في موقف العامي عند اختلاف العلماء وكذا الفتوى رقم: 187605.
والله تعالى أعلم.