السؤال
دائما أقرأ في كتب الفقه كالمجموع والمغني آراء للفقهاء الأولين كالحسن والشعبي والصحابة والتابعين، ولكن قد تروى بغير ذكر الإسناد فهل تلك الرويات عنهم صحيحة وتعتبر تلك الكتب مراجع أولى لآراء السلف؟ أم لا بد من صحة نسبة القول إليهم بالبحث عنه في كنز العمال، ومصنف ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق؟ ود. رواس قلعه جي صاحب سلسلة موسوعة فقه السلف يروي عن عمر وعائشة وابن عباس والحسن ولكن من غير تحقيق للإسناد.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المجموع والمغني هما في الأصل كتابان فقهيان قمة في بابهما، ولكنهما ليسا مرجعين لتصحيح الآثار الموقوفة والمقطوعة، وإن كانت الآثار الموجودة فيهما في غالبها متصلة بالسند في مظانها، وقد بين كل من مؤلفيهما في مقدمة كتابه منهجه في نقل المذاهب والآراء، والاستدلال بالآثار، يقول ابن قدامة في المغني: وأبين في كثير من المسائل ما اختلف فيه مما أجمع عليه، وأذكر لكل إمام ما ذهب إليه، تبركا بهم، وتعريفا لمذاهبهم، وأشير إلى دليل بعض أقوالهم على سبيل الاختصار، والاقتصار من ذلك على المختار، وأعزو ما أمكنني عزوه من الأخبار، إلى كتب الأئمة من علماء الآثار، لتحصل الثقة بمدلولها، والتمييز بين صحيحها ومعلولها، فيعتمد على معروفها، ويعرض عن مجهولها.
ويقول النووي في المجموع: وأبين فيه أنواعا من فنونه المتعددات فمنها: تفسير الآيات الكريمات، والأحاديث النبويات والآثار الموقوفات، والفتاوى المقطوعات.......... وأبين من الأحاديث صحيحها وحسنها وضعيفها مرفوعها وموقوفها متصلها ومرسلها ومنقطعها ومعضلها.
وبالجملة فلا غضاضة في الاكتفاء بما ذكراه، ومن بحث ليطلع على هذه الأسانيد ويحصل العلم بها ففي الاستزادة من العلم كله خير، والاشتغال بالأهم فالأهم أولى بطالب العلم، ثم إننا ننبه السائل هنا إلى أمرين:
1ـ أن كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال إنما يذكر الآثار معزوة، ولا اعتناء له بذكر الأسانيد، وإنما يبحث عن السند في مثل مصنف ابن أبي شيبة، ومصنف عبد الرزاق، والسنن الكبرى للبيهقي، والتمهيد لابن عبد البر، والمحلى لابن حزم.
2ـ أن مجرد وجود الأثر متصلا لا يكفي للحكم بصحته لتوقف الصحة على أمور أخرى يجري بيانها في علم المصطلح.
والله أعلم.