السؤال
ما حكم شعر الغزل بالأدلة التفصيلية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله -سبحانه وتعالى- يقول في محكم كتابه عن الشعراء: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ*أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ*وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ*إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً [الشعراء:224 - 227]. ويقول تعالى عن نبيه -صلى الله عليه وسلم-: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ [يّـس:69].
وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لأن يمتلئ جوف رجل قيحاً يريه (يفسده) خير له من أن يمتلئ شعرًا.
قال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان: واعلم أن التحقيق الذي لا ينبغي العدول عنه أن الشعر كلام، حسنه حسن، وقبيحه قبيح. اهـ. وعلى هذا تدل الآية الكريمة: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً [الشعراء].
وتذكر كتب السير أن كعب بن زهير -رضي الله عنه- قدم المدينة خفية، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- توعده بسبب أبيات قالها، فنزل على أخيه بجير، فلما صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة الفجر، قام فأنشده قصيدته المشهورة التي مطلعها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم إثرها لم يفد مكبول
فخلع عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- بردته الشهيرة، والتي اشتراها بعد ذلك أمير المؤمنين معاوية -رضي الله عنه-، فكان خلفاء بني أمية يتداولونها بعده، وكان في الصحابة -رضي الله عنهم- شعراء كبار، وكذلك كان كثير من علماء السلف الصالح من التابعين ومن بعدهم.
وشعر الغزل خاصة إذا لم يكن فاحشاً مكشوفًا، أو معينًا، فلا مانع من حكايته، خاصة إذا كان لحفظ اللغة أو الاستشهاد به.
وقد رأينا كيف أقرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كعباً، وذكر السيوطي في الإتقان من علوم القرآن: أن ابن عباس رضي الله عنه قطع حديثه مع جلسائه ليسمع من عمر بن أبي ربيعة شعره.
والحاصل؛ أن الشعر كلام حسنه حسن، وقبيحه قبيح، وأن الغزل إذا كان بامرأة معينة وكان يغري بالفاحشة، فلا يجوز للمسلم قوله ولا سماعه، أما إذا كان مبهمًا وبقصد الاستشهاد وما أشبهه، فلا مانع منه.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني