السؤال
كنت أصلي وزوجتي جماعة في المنزل وهي خلفي، وفي صلاة العشاء عندما انتهينا التفتت إليها فوجدتها قاعدة على الكرسي خلفي منحرفة عن القبلة بحوالي 30 درجة، فسألتها لماذا؟ فقالت أحس بثقل في عيني أثناء السجود, فقررت أن تقعد على الكرسي بدل السجود وتكمل التحيات والإبراهيمية على الكرسي، فنصحتها أن تعيد الصلاة، لأنها كانت قاعدة منحرفة عن القبلة بحوالي ثلاثين درجة، وكان عذرها في الانحراف أنها تظن نفسها على القبلة غير منتبهة لدرجة الانحراف.
ثانيا: قلت لها يجب عليك في حال العذر أن تفعلي قدر المستطاع من حركات الصلاة الصحيحة إلا ما تعذرين فيه تحديدا، فقالت كيف؟ قلت لها إن الألم كان في السجود فقط، إذن عليك وقت السجود بدل أن تجلسي على الكرسي أن تجثي على ركبتيك كما نقعد أثناء التحيات أو الفصل بين السجدتين، وعند السجود تنحنين إلى موضع السجود قدر المستطاع, وعند التحيات والإبراهيمية تقعدين القعود الشرعي على ركبتيك، لأن هذا لا يؤلمك.
شيخي الكريم قلت لها هذه الفتوى ليس اجتهادا مني، لأنني لست من أهله ولكن سمعت معنى هذا الكلام من أحد العلماء أن من لديه عذرا يجب أن يغير في حركات الصلاة على قدر ألمه فقط. فهل ما قلت لها صحيح؟ وهل يجب أن تعيد الصلاة؟ مع العلم أنها فعلت ذلك بكل فرائض هذا اليوم، فهل تعيدها كلها؟ أم تعذر بالجهل أو النسيان؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن درجة الانحراف المذكورة لا تؤثر على صحة الصلاة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 23757.
لكن الخطأ الذي حصل هو الجلوس على الكرسي مع القدرة على الجلوس على الأرض للتشهد، وذلك لأن القاعدة في أركان الصلاة وواجباتها أن ما استطاع المصلي فعله، وجب عليه فعله، وما عجز عن فعله سقط عنه، فمن كان عاجزاً عن القيام جاز له الجلوس على الكرسي أثناء القيام، ويأتي بالركوع والسجود على هيئتهما، ومن عجز عن السجود أو شق عليه مشقة شديدة أجزأه الإيماء إلى السجود، قال ابن قدامة في المغني: ومن قدر على القيام وعجز عن الركوع أو السجود لم يسقط عنه القيام ويصلي قائما فيومئ بالركوع ثم يجلس فيومئ بالسجود، وبهذا قال الشافعي. انتهى.
وانظرالفتوى رقم: 54090.
وعلى هذا، فإذا كانت زوجتك تجد في السجود مشقة ظاهرة فلها الاكتفاء بالإيماء، لكن ليس لها أن تجلس على الكرسي وهي تقدرعلى القعود على الأرض كالمعتاد، فإن فعلت ذلك مع الاستطاعة فقد خالفت هيئة الجلوس المطلوبة في الصلاة، والظاهر أن عليها إعادة الصلوات التي أدتها على تلك الحالة، لأن بإيمائها من فوق الكرسي لا تأتي بما تستطيع من الإيماء لو أومأت من الجلوس المعتاد، ومن أهل العلم من يرى بطلان الصلاة إذا لم يأت من يومئ في صلاته بما يستطيع من الإيماء، كما سبق بيانه في الفتوى رقم :151665.
وفي شرح زاد المستقنع للشيخ محمد الشنقيطي فيما يتعلق بالموضوع: لكن الإشكال إذا جلس الجلسة الثانية، وهي غير الهيئة الشرعية، كأن يجلس على سريرٍ أو كرسي، فإنه بجلوسه على السرير والكرسي في حال القيام يُعذَر، لكن عند التشهد لا يكون ملاصقاً للأرض، ومقصود الشرع أنك عند التشهد أو بين السجدتين تكون قريباً من الأرض، فحينئذٍ يكون ارتفاعه على الأرض خلاف ما ورد في الشرع من كونه ملتصقاً بالأرض، قال العلماء: إن تَعذَّر عليه أن يجلس انتقل بالانفصال هذا لكونه متصلاً بالأرض عن طريق الكرسي، فكان في حكم الجالس، وأبيح له أن يصلي على هذه الهيئة، أما لو كان بإمكانه أن ينزل ويجلس جلسة المفترش، أو جلسة المتربِّع فإنه يلزمه ذلك ولا يجلس على كرسيّ ونَشَز، لأنه يفوِّت صفة الصلاة إلى أن قال: لو أن إنساناً يصلي قاعداً بين القائم والجالس، كمن يصلي على كرسي ونحوه، فهذا فيه تفصيل، فإن كان جلوسه لوجود العلة وما يوجب ارتفاقه بعلو ونشز فلا إشكال في جواز ذلك وحله، وأما إذا كان من دون حاجة، كأن يرى ذلك أيسر له وأريح لنفسه وأجم لجسمه فإنه حينئذٍ ينبغي عليه أن يجلس في الأرض، لأنه ليس هناك ما بين القيام والقعود، فإما أن يقف على الأصل الذي أمر به الشرع، وإما أن يجلس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً ـ فلم يجعل ما بينهما موضعاً للرخصة. انتهى.
ولتنظرالفتويين رقم: 34423، ورقم: 54393.
والله أعلم.