السؤال
حكم من يقولون إن المسيح الدجال هو الإعلام الغربي و العولمة، و أنه ليس شخصا و أن ما جاء من الأحاديث هو رمزية عن هذا و أنه ليس شخصا. هل يعتبر أنهم كذبوا الرسول فيكفرون عينا ؟
حكم من يقولون إن المسيح الدجال هو الإعلام الغربي و العولمة، و أنه ليس شخصا و أن ما جاء من الأحاديث هو رمزية عن هذا و أنه ليس شخصا. هل يعتبر أنهم كذبوا الرسول فيكفرون عينا ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن الدجال خارج في آخر الزمان، وأنه حقيقة لا مجاز، وأن كل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم كائن على الوجه الذي أخبر به، وأن من كذب بهذا أو تأوله على غير معناه الحقيقي فقد أتى منكرا من القول وزورا.
قال العلامة ابن باز رحمه الله: وأما أمر المسيح ابن مريم عليه الصلاة والسلام وأمر المسيح الدجال فأمرهما أظهر وأوضح، فالأمر فيهما قطعي، وقد أجمع على ذلك علماء الأمة وبينوا للناس أن المسيح نازل في آخر الزمان، كما أن الدجال خارج في آخر الزمان، وقد تواترت بذلك الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم وكلها صحيحة متواترة بنزول عيسى عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان وحكمه بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام وقتله الدجال مسيح الضلالة. هذا حق. وهكذا خروج الدجال حق، أما من أنكر ذلك وزعم أن نزول المسيح ابن مريم ووجود المهدي إشارة إلى ظهور الخير، وأن وجود الدجال ويأجوج ومأجوج وما أشبه ذلك إشارة إلى ظهور الشر فهذه أقوال فاسدة بل باطلة في الحقيقة، لا ينبغي أن تذكر، فأهلها قد حادوا عن الصواب وقالوا أمرا منكرا وأمرا خطيرا، لا وجه له في الشرع ولا وجه له في الأثر ولا في النظر، والواجب تلقي ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم بالقبول والإيمان به والتسليم، فمتى صح الخبر عن رسول الله فلا يجوز لأحد أن يعارضه برأيه واجتهاده، بل يجب التسليم كما قال الله عز وجل: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما.انتهى.
فإذا كان هذا متقررا لديك معلوما عندك فإن مما ينبغي أن يكون متقررا كذلك فلا يحتاج إلى الإكثار من السؤال عنه أن أمر التكفير خطير جدا، وإذا كان العلامة ابن باز رحمه الله لم يطلق لفظ الكفر على من أطلق هذا الكلام ولو بالنوع المنكر فكيف يكون الواحد المعين ممن يقول هذا الكلام كافرا، فالتكفير لا بد له من استيفاء شروط وانتفاء موانع، وقد وقع في مثل هذه التأويلات بعض من لهم بلاء حسن في نصرة الدين في الجملة، ونقل نحو هذا التأويل صاحب المنار عن شيخه ولم يتعقبه، فهذا من الخطأ والزلل العظيم الذي إن كان صاحبه معذورا رجي أن تسعه رحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: إني دائما ومن جالسني يعلم ذلك مني: أني من أعظم الناس نهيا عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافرا تارة وفاسقا أخرى وعاصيا أخرى، وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها: وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية. وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا معصية، كما أنكر شريح قراءة من قرأ {بل عجبت ويسخرون} وقال: إن الله لا يعجب، فبلغ ذلك إبراهيم النخعي فقال إنما شريح شاعر يعجبه علمه. كان عبد الله أعلم منه وكان يقرأ {بل عجبت} . إلى آخر كلام الشيخ رحمه الله.
ولبيان بطلان هذه التأويلات راجع قصة المسيح الدجال للألباني، ورد الشيخ عبد المحسن العباد على من أنكر أحاديث المهدي. واتق الله وانته عن الغلو والتمادي في هذا الباب فإنا نصحناك بهذا كثيرا.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني