السؤال
ما حكم شخص يقول إن هناك بعض الأشخاص عندما تتوفر فيهم صفات معينة من قرابة معينة أو ما شابه ذلك فإنهم يكونون قادرين على معالجة الكسور والجروح وإن لهم كرامات؟ وهل يكفر؟ وما حكم من يقول فلان رجل بركة أو رجل مبروك أو أن بركة هذا الشخص سوف تحل علينا أو ستسهل لنا كذا وكذا في حالة كان يعتقد أن هذا سببا سببه الله لكي ييسر الله علينا هذا الأمر؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإثبات الكرامات للإولياء مما اتفق عليه أهل السنة والجماعة، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في الواسطية: وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ: التَّصْدِيقُ بِكَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ وَمَا يُجْرِي اللَّهُ عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ، فِي أَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَالْمُكَاشَفَاتِ وَأَنْوَاعِ الْقُدْرَةِ وَالتَّأْثِيرَاتِ وَكَالْمَأْثُورِ عَنْ سَالِفِ الْأُمَمِ، فِي سُورَةِ الْكَهْفِ وَغَيْرِهَا، وَعَنْ صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ قُرُونِ الْأُمَّةِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. انتهى.
فمن صدق بكرامات الأولياء على هذا النحو وأنها هبات من الله تعالى يكرم بها من شاء من أوليائه نفعا للخلق ونصرا للحق فهو مسدد ناج ، ومن تجاوز بها هذا الحد واعتقد أن الأولياء يقدرون بأنفسهم على جلب النفع ودفع الضر وأنهم يتصرفون في هذا الكون بما شاءوا فهذا من الشرك الأكبر ـ والعياذ بالله ـ قال تعالى آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم: قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ {الأعراف:188}.
والآيات بهذا المعنى كثيرة معلومة، فإذا كان النبي صلوات الله عليه وسلامه لا يملك لنفسه فضلا عن أن يملك لغيره ضرا ولا نفعا فكيف يملك ذلك من هو دونه صلوات الله عليه وسلامه من كل وجه؟ فمن زعم أن وليا أو غيره يقدر على جلب نفع أو دفع ضر فقد جعله شريكا لله تعالى والعياذ بالله.
وأما التبرك بالصالحين بذواتهم وآثارهم: فلا يشرع على الراجح، فإن ما ورد في النصوص إنما يدل على مشروعية التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وليس غيره في معناه حتى يقاس عليه، قال العلامة ابن باز ـ رحمه الله: لا يجوز التبرك بأحد غير النبي صلى الله عليه وسلم لا بوضوئه، ولا بشعره، ولا بعرقه، ولا بشيء من جسده، بل هذا كله خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، لما جعل الله في جسده وما مسه من الخير والبركة، ولهذا لم يتبرك الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ بأحد منهم، لا في حياته ولا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، لا مع الخلفاء الراشدين ولا مع غيرهم، فدل ذلك على أنهم قد عرفوا أن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره، ولأن ذلك وسيلة إلى الشرك وعبادة غير الله سبحانه، وكذا لا يجوز التوسل إلى الله سبحانه بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، أو ذاته أو صفته أو بركته، لعدم الدليل على ذلك، ولأن ذلك من وسائل الشرك به والغلو فيه عليه الصلاة، والله أعلم. انتهى.
وبه يتبين جواب ما سألت عنه.
والله أعلم.