السؤال
أثناء جلسة للسمر بين شابين كانا يتمازحان عن العلم والقراءة وأيهما أوسع في ذلك خرج من أحدهما لفظة من غير قصد بأن قال: أنت خليك في رياض الصالحين ـ استهتارا بصاحبه، لانتشار الكتاب بين العامة ـ وما قصد السخرية بالسنة معاذ الله ـ إلا أنه ما أن أردك ما خرج من فيه حتى فزع قلبه من سوء لسانه وأخذ يستغفر الله عن مقالته الشنيعة، فما الواجب عليه الآن فعله؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الكلام لا يحمل على التنقص من السنة، بل يحمل على أنه ينعي على صاحبه قصور باعه في الاطلاع على الكتب العلمية، وقد ذكر أهل العلم أن من تكلم بكلام يحتمل الردة وغيرها لا يكفر بذلك، كما قال علي القاري في شرح الشفا: قال علماؤنا: إذا وجد تسعة وتسعون وجها تشير إلى تكفير مسلم ووجه واحد على إبقائه على إسلامه فينبغي للمفتي والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة ـ رواه الترمذي والحاكم. اهـ.
ولكن العبد يلزمه أن يحفظ لسانه، وأن يعد نفسه للهرب من النار والظفر بالجنة بكف لسانه إلا عما تحقق من خيريته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: وإن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ: كف عليك هذا، فقال: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم. رواه الترمذي.
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت.
قال النووي: هذا الحديث صريح في أنه ينبغي ألا يتكلم إلا إذا كان الكلام خيراً، وهو الذي ظهرت مصلحته ومتى شك في ظهور مصلحته فلا يتكلم. انتهى.
والله أعلم.