السؤال
ذهبت أنا وعائلتي في شهر الحج بقصد أداء العمرة، وحين دخولنا الحرم رأيت زحاماً شديداً فخفت على بناتي ولم نعتمر، علماً بأني اشترطت أما بقية أهلي فلم يشترطوا فماذا علينا؟
ذهبت أنا وعائلتي في شهر الحج بقصد أداء العمرة، وحين دخولنا الحرم رأيت زحاماً شديداً فخفت على بناتي ولم نعتمر، علماً بأني اشترطت أما بقية أهلي فلم يشترطوا فماذا علينا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخطأتم حين رجعتم دون أن تؤدوا النسك، وأنتم الآن باقون على إحرامكم، سواء في ذلك من اشترط ومن لم يشترط، فيلزمكم أن تتوجهوا إلى مكة وتؤدوا العمرة ثم تتحللون بعد هذا، وذلك لأن من شرع في الحج أو العمرة لم يجز له التحلل إلا بعد أداء النسك إلا أن يحصر فيتحلل ويذبح هديا إلا إن اشترط فإنه يتحلل بلا هدي، قال ابن كثير رحمه الله: اتفق العلماء على أن الشروع في الحج والعمرة ملزم، سواء قيل بوجوب العمرة أو باستحبابها، كما هما قولان للعلماء. انتهى.
والاشتراط إنما يبيح التحلل عند وجود العذر، وأما مع عدم العذر فلا، قال في كشاف القناع في بيان فائدة الاشتراط: ويفيد هذا الاشتراط (إذا عاقه عدو أو مرض أو ذهاب نفقة أو خطأ طريق ونحوه أن له التحلل)، لقوله صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير حين قالت له إني أريد الحج وأجدني وجعة، فقال: حجي واشترطي وقولي اللهم محلي حيث حبستني. متفق عليه. (و) يفيد هذا الاشتراط أيضاً (أنه متى حل بذلك) أي سبب عذر مما تقدم (فلا شيء عليه) نص عليه. انتهى مختصراً.. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 126303.
فإذا علمت هذا، فإن ما ذكرته من أمر الزحام ليس عذراً يبيح لك ولأهلك التحلل، وأنتم الآن باقون على إحرامكم كما ذكرنا، قال الشيخ العثيمين رحمه الله: فإن قال قائل: ماذا تقولون في رجل دخل في العمرة في أيام رمضان مثلاً ثم وجد الزحام شديداً، ثم تحلل ورجع إلى أهله متحللاً؟ نقول له: إن هذا التحلل لا تنحل به العمرة، وإن عليه -ولو كان قد سافر إلى بلده- عليه أن يخلع ثيابه -ثياب الحل- ويلبس ثياب الإحرام ويذهب ويكمل عمرته على الإحرام الأول لا بإحرام جديد، وذلك لأنه لم يتحلل من عمرته، وكونه نوى التحلل لا يؤثر لأن الحج والعمرة لا ينقطعان بقطعهما، ودليل ذلك ما أشرنا إليه قوله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله. انتهى.
وأما ما ارتكبتموه من محظورات الإحرام فما كان منها من قبيل الإتلاف كقص الشعر أو تقليم الأظفار ففيه الفدية، وهي على التخيير بين صيام ثلاثة أيام، وإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وذبح شاة، وما عدا ذلك فلا شيء فيه للجهل بالحكم، ومن العلماء من يرى أن الجهل عذر تسقط به الفدية في جميع المحظورات، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، والقول الأول أحوط وأبرأ للذمة.
وهذا الذي قلناه من لزوم العودة إلى مكة لإتمام نسك العمرة، إنما هو عند إمكان الرجوع، أما إذا لم يمكن لعدم نفقة أو نحوه فلكم أن تتحللوا تحلل المحصر. وقد بيناه بالتفصيل في الفتوى رقم: 135351.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني