فالأصل أن تتداوى المرأة عند امرأة مثلها ولا يجوز لها التداوي عند رجل خصوصا إذا تضمن الأمر كشف شيء من جسدها إلا بشروط منها:
الأول: ألا توجد امرأة تصلح لذلك، مسلمة أو كافرة.
الثاني: أن يكون ذلك في حضور محرم لها.
الثالث: ألا تكشف إلا موضع المرض، وأن تستر ما عداه سترا جيدا.
الرابع: واشترط بعض الفقهاء أن يكون الطبيب أمينا.
وكلما كان موضع الداء في الوجه، أو اليدين، أو ما يقرب من ذلك أبيح التداوي لمطلق الحاجة، وكلما قرب من العورة المغلظة اشترط وجود الحاجة المؤكدة، أو الضرورة.
قال العز بن عبد السلام رحمه الله في قواعد الأحكام: ستر العورات واجب، وهو من أفضل المروءات، وأجمل العادات، ولا سيما في النساء الأجنبيات، لكنه يجوز للضرورات والحاجات.
أما الحاجات: فكنظر كل واحد من الزوجين إلى صاحبه... ونظر الأطباء لحاجة الدواء...
وأما الضرورات: فكمداواة الجراحات المتلفات، ويشترط في النظر إلى السوءات لقبحها من شدة الحاجة، ما لا يشترط في النظر إلى سائر العورات.
وكذلك يشترط في النظر إلى سوأة النساء من الضرورة والحاجة ما لا يشترط في النظر إلى سوأة الرجال، لما في النظر إلى سوءاتهن من خوف الافتتان، وكذلك ليس النظر إلى ما قارب الركبتين من الفخذين كالنظر إلى الإليتين. انتهى بتصرف.
وقال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: واعلم أن ما تقدم من حرمة النظر والمس هو حيث لا حاجة إليهما، وأما عند الحاجة فالنظر والمس ( مباحان لفصد وحجامة وعلاج ) ولو في فرج للحاجة الملجئة إلى ذلك لأن في التحريم حينئذ حرجا، فللرجل مداواة المرأة وعكسه وليكن ذلك بحضرة محرم أو زوج ....
ويشترط عدم امرأة يمكنها تعاطي ذلك من امرأة وعكسه ..
ولو لم نجد لعلاج المرأة إلا كافرة ومسلما فالظاهر كما قال الأذرعي أن الكافرة تقدم لأن نظرها ومسها أخف من الرجل.... إلى أن قال: ويعتبر في النظر إلى الوجه والكفين مطلق الحاجة وفي غيرهما ما عدا السوأتين ..... وفي السوأتين مزيد تأكدها بأن لا يعد التكشف بسببها هتكا للمروءة كما نقلاه عن الغزالي وأقراه. انتهى.
وعلى ذلك فعليك أن تبذلي جهدك في البحث عن طبيبة مسلمة ماهرة فإن لم يكن فطبيبة كافرة، فإن تعذر هذا ووجد طبيب ماهر قادر على العلاج فلا حرج عليك في التداوي عنده بالشروط السابقة.
والله أعلم.