السؤال
هل إذا اشترى الإنسان أرضا لكي يساهم بها في مؤسسة ويكون له نصيب من رأس مالها هل تعتبر هذه الأرض من عروض التجارة بحيث تجب فيها الزكاة؟
هل إذا اشترى الإنسان أرضا لكي يساهم بها في مؤسسة ويكون له نصيب من رأس مالها هل تعتبر هذه الأرض من عروض التجارة بحيث تجب فيها الزكاة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الشخص اشترى الأرض ليبيعها ويساهم بثمنها في هذه المؤسسة فهذه الأرض من عروض التجارة لأنها اشتريت بنية التجارة، فتجب فيها الزكاة، فإذا حال الحول وهي في ملك صاحبها أخرج زكاتها وهي ربع عشر قيمتها، وإذا باعها في أثناء الحول فعليه زكاة ثمنها إن كان زكويا وحال عليه حول الأصل، فإنه تابع لأصله ولا يستقبل به حولا جديدا.
وأما إذا كان المراد أن هذا الشخص يساهم بعين الأرض في هذه المؤسسة فإن هذه الشركة على هذا الوجه غير جائزة عند كثير من العلماء أو أكثرهم والأحوط بلا شك اجتناب الشركة على هذا الوجه خروجا من الخلاف.
وقد بين ابن قدامة مأخذ المانعين من المشاركة بالعروض. فقال رحمه الله: فصل: ولا خلاف في أنه يجوز جعل رأس المال الدراهم والدنانير فإنها قيم الأموال وأثمان البياعات والناس يشتركون بها من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمننا من غير نكير، فأما العروض فلا تجوز الشركة فيها في ظاهر المذهب نص عليه أحمد في رواية أبي طالب وحرب، وحكاه عنه ابن المنذر وكره ذلك ابن سيرين ويحيى بن أبي كثير والثوري والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي لأن الشركة إما أن تقع على أعيان العروض أو قيمتها أو أثمانها : ولا يجوز وقوعها على أعيانها لأن الشركة تقتضي الرجوع عند المفاصلة برأس المال أو بمثله وهذه لا مثل لها فيرجع إليه، وقد تزيد قيمة جنس أحدهما دون الآخر فيستوعب بذلك جميع الربح أو جميع المال وقد تنقص قيمته فيؤدي إلى أن يشاركه الآخر في ثمن ملكه الذي ليس بربح، ولا على قيمتها لأن القيمة غير متحققة القدر فيفضي إلى التنازع، وقد يقوم الشيء بأكثر من قيمته ولأن القيمة قد تزيد في أحدهما قبل بيعه فيشاركه الآخر في العين المملوكة له، ولا يجوز وقوعها على أثمانها لأنها معدومة حال العقد ولا يملكانها ولأنه إن أراد ثمنها الذي يبيعها به فإنها تصير شركة معلقة على شرط وهو بيع الأعيان ولا يجوز ذلك. انتهى.
وقد ذهب بعض العلماء إلى جواز المشاركة بالعروض.
قال في حاشية الروض: وعنه -أي الإمام أحمد- تصح -أي المشاركة بالعروض- اختاره أبو بكر وأبو الخطاب وغيرهما، وصوبه في الإنصاف وغيره، وهو قول مالك وغيره، لأن مقصود الشركة تصرفهما في المالين جميعًا، وكون ربح المالين بينهما، وهو حاصل في العروض، كحصوله في الأثمان.
قال الموفق: فيجب أن تصح الشركة والمضاربة بها، كالأثمان، ويرجع كل واحد منهما عند المناضة بقيمة ماله عند العقد، قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: وهو الصحيح، لأن القاعدة في المعاملات أن لا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله. وقال في القول الأول: لم يذكروا حجة شرعية نعلمها. انتهى.
فإذا تبين لك أن هذه المشاركة على هذا الوجه مختلف في جوازها، وأن الأحوط اجتنابها فعلى القول بأنها جائزة فإن شرط ذلك أن تقوم الأرض حين العقد وتكون حصتك من هذه الشركة بقدر قيمة الأرض، ثم إنه يجب عليك زكاة حصتك من رأس المال الزكوي في هذه الشركة على رأس كل حول وما حصل عنه من الأرباح فإنه تابع له، فيزكى بزكاته، ويزكي كل واحد من الشركاء حصته من المال الذي وجبت فيه الزكاة، وانظر الفتوى رقم: 127125.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني