السؤال
لا يكاد يخلو مسجد من مساجدنا من المحدثات وبدون مبالغة، لأننا نعيش ضمن الواقع في بلدنا سوريا، وخاصة من أئمة المساجد أو المؤذنين ـ والذين لا يملك أغلبهم مؤهلات لذلك ـ والله أعلم.
أما أصحاب المؤهلات فلا يحق لهم ذلك، لأنهم متمسكون بالسنة وقد أطلقوا عليهم مسميات كثيرة منها ـ سلفيون ـ وعند السؤال والنصح لهم بأدب والله, يقولون الشيخ فلان والعالم فلان أنت تعرف أكثر منهم ولا يتراجعون، وتراهم متمسكين بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، وإن النفوس ـ والله ـ ضاقت، والأمة ـ إلا ما رحم الله ـ تسير إلى الذل وهي تعتقد أنها تعبد الله على الحق، وأنتم ترون ما يحدث للأمة الإسلامية.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله على أن هداك للتمسك بالسنة، ونوصيك بالصبر ودعوة الناس إلى الخير برفق وتحفيزهم على التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في جميع شؤونهم، وأن يجعلوا الإسلام منهجًا لحياتهم، وأن يلزموا طريق الاستقامة، وأن يوقنوا بأن العاقبة للتقوى.
وأما ما ذكرته من أن أئمة الصلاة الرسميين في بلادك غيرُ مؤهلين لتلك المهمة ـ فلا يخلو حالُهم من أن يكونوا صحيحي الاعتقاد ملتزمين بالسنة في الجملة، وهؤلاء تصح الصلاة خلفهم بلا خلاف.
أو يكونوا منتسبين للإسلام مع تمسكهم بشيء من العقائد الفاسدة التي توجب الخروج من الإسلام، كاعتقاد النفع والضر في الأموات، أو دعائهم والالتجاء إليهم، أو اعتقاد أن الله يَحِلُّ في مخلوقاته، أو أنه لا فرق بين الخالق والمخلوق، أو أن الأولياء يعلمون الغيب، أو أن الولي يصل إلى مرحلة يسقط عنه فيها التكليف، ونحو ذلك من موجبات الردة، فهؤلاء ـ إن أقيمت عليهم الحجة ـ لا تصح الصلاة خلفهم.
أو يكونون متلبسين ببعض البدع التي لا تخرجهم عن الإسلام، وهؤلاء إن كانوا يأتون للصلاة وقد استوفوا شروط صحتها، ويؤدونها دون الإخلال بأركانها وما يلزم فيها، ولا يأتون بما يبطلها ـ فتصح الصلاة خلفهم، وإن وُجد من هو خير منهم، لصحة اقتداء الفاضل بالمفضول، وانظر الشروط الواجب توفرها فيمن تصح له إمامة المصلين في الفتوى رقم: 9642.
وانظر الأدلة على صحة الصلاة خلف الإمام الفاسق المبتدع بدعة لا تخرجه من الملة في الفتوى رقم: 77308، وانظر الشروط الواجب توفرها في المؤذن في الفتوى رقم: 62281.
وبالنسبة لما تراه من تمسك بعض الناس بالعمل بالأحاديث الضعيفة أو الموضوعة، فنقول: إن الأحاديث الموضوعة لا تجوز روايتها للعالم بحالها إلا لبيان وضعها والتحذير منها، وقريبة منها الأحاديثُ شديدة الضعف.
أما الأحاديث التي ضعفها يسير، وضعفها من جهة ضبط الرواة، وقابلة للتحسين ـ فهذه تجوز روايتها والاستئناس بها، بل والعمل بها في فضائل الأعمال، كما نص على ذلك أهل العلم، ولكن بشروط، وانظر هاتين الفتويين: 41058، 74604.
والله أعلم.